مقال

وجوب الإفطار في السفر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وجوب الإفطار في السفر
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن الأحكام المتعلقه بالصلاة والصيام في شهر رمضان، وأما عن الصيام والسفر، فقد أجمعت الأمة فى فقه الصيام على أن من حق المسافر أن يفطر، حتى ذكر شيخ الإسلام أن من أنكر ذلك يستتاب، وإلا حكم عليه بالردة لأنه حكم معلوم من الدين بالضرورة، وذهب بعض الصحابة إلى وجوب الإفطار في السفر إلا أن الجمهور على أنه جائز لا واجب، والسفر في ذاته مسوغ من مسوغات الفطر.

سواء صحبه تعب ومشقة أم لا، والمشهور في فقه الصيام والمذاهب أن المسافة التي تبيح القصر نحو ثمانين أو تسعين كيلو مترا، ولكن ابن القيم بين أن هذا التحديد لا أصل له، وأن كل ما يعد في العرف سفرا فإنه يجيز الإفطار ولو كان أقصر من ذلك بكثير كما صح أن دحية الكلبى وهو أحد الصحابة أفطر في سفر ثلاثة أميال أى حوالي تسعه كيلو مترا، وإن الفطر جائز للمسافر فى فقه الصيام حتى لو لم تلحقه مشقة، ولذلك يجوز لمن يسافر بالطائرات أن يفطر، واختلف العلماء فى أيهما أفضل للمسافر الصيام أم الفطر ؟ ولعل الأنسب أن الأفضل ما تيسر له منهما وهو اختيار الشيخ القرضاوى، واشترط كثير من المذاهب الفقهية المتبوعة فى فقه الصيام أن المسافر ليس له أن يصوم إلا بعد مغادرته للبلد التى يسافر منها، والصحيح أن ذلك ليس شرطا.

فقد أفطر أنس بن مالك رضي الله عنه قبل أن يركب راحلته بمجرد أن لبس ثياب السفر، وإلى هذا ذهب ابن القيم، وقد اختلف العلماء في فقه الصيام في جواز إفطار المسافر لليوم الذي يعلم أنه سيصل فيه إلى بلده قبل الغروب، فذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى رحمهم الله، إلى جواز الفطر له، وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يلزمه الصوم، وقال الشيخ ابن العثيمين “الصحيح أنه لا يلزمه الصيام” وإذا عاد المسافر إلى بلده نهارا وهو مفطر ففى وجوب إمساكه ساعة رجوعه خلاف إلا أن عليه القضاء أمسك أم لم يمسك، وهنا حالتان شدد فيهما كثير من المذاهب المتبوعة فلم يبيحوا فيهما الفطر هما الأولى، وهو من بدأ سفره في أثناء النهار وهو صائم فلا يجوز له الفطر.

والثانية في فقه الصيام، من كان في سفره، ونوى الصيام قبل الفجر فلا يجوز له أن ينقض نيته فيفطر بعد الفجر حتى لو كان لا يزال مسافرا، والصحيح أن للمسافر أن يفطر في هاتين الحالتين، وقد ذكر الإمام القرطبى أن من عزم على السفر فى رمضان صبيحة يومه فلا ينوى الفطر حتى يسافر بالفعل فقد يعرض له ما يمنعه من السفر، ويجوز الفطر للمسافر حتى لو أصبح السفر عادته طالما أن له بلدا يأوى إليه مثل أصحاب سيارات الأجرة والطيارين والملاحين حتى لو كان سفرهم يوميا، وعليهم القضاء، فإذا كان واحد من هؤلاء ليس لهد بلد يأوى إليه، كالملاح الذى معه في سفينته امرأته وجميع مصالحه فلا يرخص له حينئذ فى الفطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى