مقال

إني أنساك كما نسيتني

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إني أنساك كما نسيتني
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 10 يناير 2024

الحمد لله، الحمد لله بارئ النسم، ومحيي الرمم، ومجزل القسم، مبدع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينا رضيا، ونورا مضيا، أحمده وقد أسبغ البر الجزيل، وأسبل الستر الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد آمن بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه صلاة وسلاما دائمين ممتدين إلى يوم الدين أما بعد لقد شهدت النفس، وشهد رب العزة، وشهدت الرسل، وشهدت الملائكة، وشهدت الأرض وما عليها، فمن بقي؟ من بقي يا عباد الله؟ لقد قال النبي صلي الله عليه وسلم يلقى العبد ربه فيقول الله ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول بلى أي رب.

فيقول أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول لا، فيقول إني أنساك كما نسيتني” وفي رواية ” فيقول آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول الله ألا نبعث شاهدنا عليك” وفي رواية ” فيقول الله هاهنا إذن، الآن نبعث شاهدا عليك، فيتفكر في نفسه، من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه ويقال لفخذه انطقي، فتنطق فخذه وفمه ولحمه وعظامه بعمله، بعمله ما كان، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق وذلك الذي يسخط عليه” رواه مسلم، وفي رواية أيضا في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد رحمه الله، عن حكيم بن معاوية البهزي عن أبيه أنه قال للنبي صلي الله عليه وسلم “إني حلفت هكذا، ونشر أصابع يديه، أن لا آتيك مما سمع من دعايات الكفار ثم قال له.

وقد أراد الله به خيرا فأتى إني حلفت هكذا، ونشر أصابع يديه، حتى تخبرني ما الذي بعثك الله تبارك وتعالى به؟ قال بعثني الله تبارك وتعالى بالإسلام، قال وما الإسلام؟ قال شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، أخوان نصيران، لا يقبل الله من أحد توبة أشرك، قلت يا رسول الله، ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، أي لا تقل قبحك الله، ولا تهجر إلا في البيت، ثم قال، وهذا موضع الشاهد، هاهنا تحشرون، هاهنا تحشرون، هاهنا تحشرون، ثلاثا، ركبانا ومشاة وعلى وجوهكم، توفون يوم القيامة سبعين أمة، أنتم آخر الأمم، وأكرمها على الله تبارك وتعالى، تأتون يوم القيامة وعلى أفواهكم الفدام.

قال ابن الأثير في النهاية رحمه الله “الفدام ما يشد على فم الإبريق والكوز من خرقة” أي يمنعون الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم، فشبه ذلك بالفدام، قال تأتون يوم القيامة وعلى أفواهكم الفدام، أول ما يعرب عن أحدكم فخذه، أول ما ينطق من الجوارح الفخذ لحكمة يريدها الله، أول ما يعرب عن أحدكم فخذه، ولما قال تحشرون هاهنا أشار إلى الشام، فهي أرض المحشر والمنشر، ألا نبعث عليك شهيدا، فيفكر من الذي سيشهد عليه؟ فتشهد عليه فخذه أول ما تشهد، ثم تتابع الأعضاء، فتنطق الجوارح على الإنسان فيقول تباً لكن فعنكن كنت أناضل، كنت أدافع عنكن، فإذا أنتن تشهدن علي، فليتأمل العاصي المسكين أن جوارحه التي يعصي الله بها.

ويذوق بها، ويطعم بها، ويلمس بها، ويرى بها، ويسمع بها، ويمشي بها، ويبطش بها أنها ستكون الشهود عليه، وضده يوم الدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى