الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن من حُسن المعاشرة بين الأزواج التي أمر الله تعالي بها أن تنظر إلى مزاياها، فإذا نظرت إلى مساوئها، فإعلم أنه لا يوجد إنسان كامل، وهناك أزواج يركزون على المساوئ فقط، وبعض العيوب في شكلها، وبعض العيوب في أخلاقها، وفي طباعها، لكنها حصان، عفيفة، شريفة، نظيفة، مطواعة، يتجاهل ميزاتها، ويبرز أخطاءها، وليس هذا من حُسن المعاشرة، فإن من حسن المعاشرة هو أنه إذا نظرت إلى عيوبها، أو إلى بعض عيوبها، انظر إلى مزاياها أيضا وهذا هو العدل والإنصاف.
فقد لا يعجبك شكلها، لكن قد تنجب لك أولاد أذكياء، موفقين، وقد تكون الزوجة طيعة، وقد تكون صبورة، وقد تكون متواضعة، طلباتها معقولة، لو أنك تزوجتها كما تريد لأتعبتك تعبا لا حدود له، فالله عز و جل هو الحكيم، وهو اختارها لك، واختياره سبحانه وتعالي لك ألا ترضى باختياره ؟ وإن معية الله تعالى تشمل كل مؤمن، وحتى نبلغ معية الله تعالى لا بد من شروط، وإن أهم هذه الشروط هو التقوى، حيث يقول الله تعالى ” إن الله مع الذين اتقوا” فلا بد أن يكون الإنسان تقيا، وتقوى الله هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، وهي أن يفقدك الله حيث نهاك، وأن يجدك حيث أمرك، وهي ألا يكون الله سبحانه أهون الناظرين إلينا فنفعل ما نشاء، ونرتكب ما نريد، ولا نعتقد بأن الله تعالى مطلع على أحوالنا ويرى فعالنا.
وعندما نتحدث عن حسن الظن بالله واليقين به ومعيته يجب علينا أن نذكر السيدة هاجر أم نبي الله إسماعيل عليهما السلام، والتي كانت بموقفها من أعظم من عاش بمعية الله سبحانه وتعالى، فعندما أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه السلام أن يأخذ هاجر وولدها إسماعيل إلى جوار بيت الله حيث لا زرع، ولا ماء، ولا نبات، ولا إنسان ليتركهم، ثم يعود إلى مهمته، ووضع الأمتعة التي كان يحملها لهاجر وإسماعيل ثم مشى، نادته السيدة هاجر يا إبراهيم فلم يرد عليها ولم يلتفت فقالت له آالله أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت إذن لن يضيّعنا، فهذه الثقة وهذا القلب المطمئن بالله تعالى هو الذي جعل السيدة هاجر تحيا وتعيش بمعية الله، فكانت خير معيشة، وكان خير زمن أقامت فيه تلك المرأة الصالحة مع مولودها الصغير.
وهيأ الله تعالى لهما حياة صالحة فيها الخير والنماء والعطاء، وأرشد إليها الخلق ليعيشوا في جوارها، ثم عمر الله ذلك المكان عند خير بقعة في الأرض وهي الكعبة المشرفة ولأن نعيش بمعية الله خير من أن نعيش بمعية أي مخلوق على وجه الأرض، فعليك بسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي درب صحابته الكرام، فقد تمثلت تلك الصحبة بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جميعا رضي الله عنهم حينما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم في المدينة وغير ذلك من معاني في صحب رضي الله عنهم ورضوا عنه، تلك المعاني في الصحبة نحتاج إليها وخاصة في طلب العلم الشرعي ونشره فهل هناك اثنان اصطحبا على حفظ كتاب الله عز وجل أو حفظ متن من المتون متحملين تبعات ذلك، ونحتاج إلى تلك المعاني في الدعوة إلى الله لرفع الهمة وتفعيل الذات والارتقاء إلى مستوى الروح وتطبيق المعاني الإيمانية.