بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فكان صلي الله عليه وسلم القدوة المُثلى في الهداة المرشدين، فكان صلي الله عليه وسلم في مقام الهدى والإرشاد يترفق بصحابته، ويدعوهم إلى الأخذ بالأيسر من الأمور ما لم يكن إثما، ويحذرهم التكلف والتعمق، ويقول لهم ” خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا” ويقول صلي الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو رضي الله عنهما وقد شدد على نفسه ” صم وأفطر ونم وقم فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا” أي ضيوفك لهم حق في الضيافة، وكان صلي الله عليه وسلم المثل الأعلى في القانتين، فكان صلي الله عليه وسلم في مقام العبودية، وهو أحب مقام إليه، يصل ليله بنهاره في خدمة مولاه.
ويقوم من الليل حتى تتورم قدماه، وإذا قيل له لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال ” أفلا أكون عبدا شكورا؟” والنبي صلى الله عليه وسلم خليفة الله في أرضه، وأمينه على وحيه، وسفيره إلى أمته، يأخذ عن ربه ويعلمهم ويستضيء بنوره ويرشدهم، ولقد حذر المولي سبحانه وتعالى من الغش في الكيل والميزان، فجاءت آيات القرآن تذكر الناس بمراعاة القسط في المكاييل والموازين كما في قوله تعالى ” والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان” وهدد الذين يتلاعبون بالمكاييل والموازين بعذاب أليم يوم القيامة فقال تعالي ” ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون، ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين”
وهنا تنبيه إلى ما ينبغي أن يكون عليه التاجر من السعة في الوزن، وأن وزنه محاسب عليه أمام الله تعالى، كما أخبر المولي سبحانه وتعالى في سورة المطففين، وأيضا التزام الصدق والأمانة عند التعامل بيعا وشراءا ونحوهما ويدل على هذا ما روي عن رفاعة بن رافع الأنصاري رضي الله عنه أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع والناس يتبايعون، فنادى يا معشر التجار، فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم، فقال “إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق” رواه الترمذي، وهذا يدل على طلب الإسلام الصدق من المتعاملين والبر في معاملاتهم مع غيرهم، وقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق عامة.
فقد روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا” رواه البخاري، وكما قال صلى الله عليه وسلم ” التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء” رواه الترمذي، وهو التاجر الذي يلتزم الأمانة والصدق في بيعه وشرائه وفي سائر معاملاته، وعن حكيم ابن حزام رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما” رواه البخاري ومسلم.