القصة والأدب

الدكروري يكتب عن الغزالي ما بين بغداد والقدس

الدكروري يكتب عن الغزالي ما بين بغداد والقدس

الدكروري يكتب عن الغزالي ما بين بغداد والقدس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الإمام العالم أبو حامد الغزالي الطوسي النيسابوري الشافعي الأشعري، وبحسب التأريخ لتاج الدين السبكي وابن الجوزي وغيرهما، فإن الغزالي خرج أولا من بغداد إلى الحج سنة ربعمائة وثماني وثمانين من الهجرة، ثم عاد منها إلى دمشق فدخلها سنة ربعمائة وتسع وثمانين من الهجرة، فلبث فيها أياما، ثم توجه إلى القدس، فجاور فيها مدة، ثم عاد وبقي في دمشق معتكفا في جامعها، ثم رحل وزار الإسكندرية في مصر، واستمر يجول في البلدان ويزور المشاهد ويطوف على المساجد حتى عاد إلى بغداد للتدريس فيها، وبعد قرابة إحدي عشر سنة من العزلة والتنقل، عزم الغزالي على العودة إلى بغداد، فكان ذلك في ذي القعدة سنة ربعمائة وتسع وتسعين من الهجرة.

 

ولم يدم طويلا حتى أكمل رحلته إلى نيسابور ومن ثم إلى بلده طوس، وهناك لم يلبث أن استجاب إلى رأي الوزير فخر الملك للتدريس في نظامية نيسابور مكرها، فدرّس فيها مدة قليلة، وما لبث أن تم قتل فخر الدين الملك على يد الباطنية، من ثم رحل الغزالي مرة أخرى إلى بلده طابران في طوس، وسكن فيها، متخذا بجوار بيته مدرسة للفقهاء وخانقاه وهو مكان للتعبد والعزلة للصوفية، ووزّع أوقاته على وظائف من ختم القرآن ومجالسة الصوفية والتدريس لطلبة العلم وإدامة الصلاة والصيام وسائر العبادات، كما صحح قراءة أحاديث صحيح البخاري وصحيح مسلم على يد الشيخ عمر بن عبد الكريم بن سعدويه الرواسي ويروي بعض الناس حال الغزالي عند دخوله بغداد أول مرة.

 

وحال دخوله إياها بعد رحلته، فعن أبي منصور الرزاز الفقيه، قال دخل أبو حامد بغداد، فقوّمنا ملبوسه ومركوبه خمسمائة دينار، فلما تزهد وسافر وعاد إلى بغداد، فقوّمنا ملبوسه خمسة عشر قيراطا، وعن أنوشروان وكان وزيرا للخليفة أنه زار الغزالي فقال له الغزالي زمانك محسوب عليك وأنت كالمستاجر فتوفرك على ذلك أولى من زيارتي، فخرج أنوشروان وهو يقول لا إله إلا الله، هذا الذي كان في أول عمره يستزيدني فضل لقب في ألقابه، كان يلبس الذهب والحرير، وكان الفيلسوف ابن سينا الذي تعرّض لنقد شديد من الإمام الغزالي، حتى أنه في كتابه المنقذ من الضلال كفره، فقال فوجب تكفيرهم وتكفير شيعتهم من المتفلسفة الإسلاميين كابن سينا والفارابي وأمثالهما.

 

حيث كانت الفلسفة في عصر الإمام أبي حامد الغزالي قد أثرت في تفكير الكثيرين من أذكياء عصره وسلوكهم، وأدى ذلك إلى التشكيك في الدين الإسلامي والانحلال في الأخلاق، والاضطراب في السياسة، والفساد في المجتمع فتصدى أبو حامد الغزالي لهم بعد أن عكف على دراسة الفلسفة لأكثر من سنتين، حتى استوعبها وفهمها، وأصبح كواحد من كبار رجالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى