مقال

الدكروري يكتب عن رمضان ومواقف سجلها التاريخ

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رمضان ومواقف سجلها التاريخ
بقلم / محمـــد الدكــروري

ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رمضان المبارك وأنه هو شهر الإنتصارات والفتوحات، وفى العاشر من رمضان قد عبر الجيش المصرى قناة السويس وحطم خط بارليف وألحق الهزيمة بالقوات الصهيونية، في يوم من الأيام الخالدة، التى سطرها التاريخ فى أنصع صفحاته بأحرف من نور ففى يوم السادس من اكتوبر، والعاشر من رمضان وقف التاريخ يسجل مواقف أبطال حرب أكتوبر الذين تدفقوا كالسيل العرم يستردوا أراضيهم، ويستعيدوا كرامتهم ومجدهم فهم الذين دافعوا عن أرضهم وكافحوا في سبيل تطهيرها وإعزازها فضربوا بدمائهم المثل، وحفظوا لأنفسهم ذكرا حسنا لا ينقطع، وأثرا مجيدا لا يمحى، فبعد أن احتل اليهود سيناء الحبيبة والجولان والضفة الغربية والقدس وغزة.

في الخامس يونيو سنة ألف وتسعمائة وسبعه وستون ميلادى أخذوا يتغنون بأسطورة جيشهم الذى لا يقهر، لكن مصر نجحت في أعادة بناء جيشها وجهزته بالعتاد وخيرة جنود الأرض، وبالتخطيط الجيد مع أشقائها العرب وبإرادة صلبة قوية وإيمان قوى عظيم، وبخطة دقيقة محكمة فاجأت إسرائيل والعالم كله الساعة الثانية بعد الظهر، وانطلقت أكثر من مائتان وعشرون طائرة تدك خط بارليف الحصين ومطارات العدو ومراكز سيطرته، وفى الوقت نفسه سقطت أكثر من عشرة آلاف وخمسمائة فوهة مدفعية وتعالت صيحات الله أكبر، وتم عبور القناة واقتحام حصون العدو وتحطيمها واندحر العدو وهُزم شر هزيمة، ورجعت أرض سيناء كاملة بعد ذلك نتيجة لهذه الحرب المجيدة، في هذا الشهر العظيم.

شهر عزة المسلمين والذلة لأعداء الحق أعداء الدين، وكما حطم المسلمون الأفغان أسطورة الجيش الروسي الذى كان يوصف بأنه أقوى جيوش العالم، وأجبره على الانسحاب وهو يجر أذيال الخيبة والهزيمة الثقيلة فى رمضان سنة ألف وربعمائة وثمانيه من الهجرة، فإن رمضان تمرين عملى للصائم على التغلب على شهواته المختلفة من شهوة البطن والفرج، والنظر والسمع والكلام والقلب والنفس وغيرها، بحيث يتحرر من أسرها له، ويتعالى على جواذبها التي تجذبه إلى مستنقعها الآسن، ويخلص نفسه من كل دواعى الإستجابة لإغراءاتها والإنتصار في معركة الشهوات قضية مصيرية بالنسبة للمؤمن، لأنه إن انهزم فيها وفشل فى مقاومتها وسلم العنان والخطام لها،أدى به ذلك دون شك إلى الإنهزام في كل معاركه الأخري.

فالشهوات حواجز تحجز عنه موارد التوفيق، وصوارف تصرفه عن النجاح فى أمر آخرته الذى هو رأس الأمر له، وماانتصر أسلافنا على أعدائهم إلا بعد ما انتصروا فى معركة الشهوات هذه، وماانهزموا وإنكسرت شوكتهم إلا لما إستسلموا لشهواتهم وانهزموا أمامها، وهكذا كانت إنتصارات رمضان ولكن كيف تنتصر على نفسك في رمضان؟ وهو أن لشهر رمضان فوائد نفسية جمة، ففى صيامه تهذيب لنفسك وتطهير لها من الذنوب والآثام، وفيه تتعلم كيفية التحكم بشهواتك، وتقويتك لإرادتك وضميرك، والتحكم بسلوكك، والشعور بغيرك من الناس، وهو مدرسة للصبر، وبه تنعم بالراحة والطمأنينة والسلام النفسي، لتمحو ما علق بنفسك من هموم ومشاكل وآثام فيما سبقه من العام، وتعينك على ما تبقى من أيامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى