
الدكروري يكتب عن القيم والأخلاق الحميدة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن القيم الإنسانية هي القواعد المؤسسة للمنظومة الأخلاقية المتكاملة، والتي تعارفت عليها الفطر الإنسانية السليمة، والتي رُسخت، وتم تأكيدها من الديانات، والأفكار الإصلاحية، والأعمال الفنية، والأدبية العظمى وتظهر القيم الإنسانية على أرض الواقع، من خلال التعاملات اليومية بين الناس، وهي تضم طيفا واسعا من القيم والأخلاق الحميدة كالصدق، والأمانة، والتعاون على الخير، وحب الآخرين، ومساعدة المحتاجين، والمودة، والاهتمام بالناس، وتفقد الضعفاء، وإرساء العدالة، وما إلى ذلك، ومن هنا فإنه لا يمكن لأي إنسان عاقل أن ينكر إحدى هذه القيم، وإلا أثبت وبما لا يدع مجالا للشك أنه أبعد ما يكون عن الإنسانية، وقال رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ” طلب العلم فريضة على كل مسلم”
ومسلم هنا تعني جنس المسلمين ذكورا وإناثا، وهذا العلم الذي ألزم الله به الإنسان هو العلم بربه وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبدينه لكي يعبد الله تعالى على الوجه الصحيح، أما العلوم المادية فهذه قد فتح الله للإنسان فيها باب اكتسابها عن طريق التجربة والتعلم، ولذا فإن جميع الرسل من أولهم إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم لم يشتغلوا بتعليم الناس أمور دنياهم وإنما أرسلهم الله سبحانه لتعليمهم الأمر العظيم الذي خُلقوا له وهو دينهم الذي هو زادهم إلى الدار الآخرة الخالدة بعد الموت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم “أنتم أدرى بأمور دنياكم” وإن هناك ممارسات خاطئة، حيث يبالغ بعض المتدينين في ادائهم لبعض الشعائر والاعمال العبادية، بطريقة تسبب ايذاء ومزاحمة للأخرين.
ويتصورون انهم بتلك المبالغة ينالون الاجر والثواب من الله تعالى، وفي الحقيقة إنهم يحمّلون انفسهم الوزر والاثم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فمثلا ما يحدث في الحج من محاولة بعض الحجيج الاقتراب من الكعبة في الطواف او استلام الحجر الاسود، بطريقة المغالبة والمزاحمة، مما يؤدي الى الاضرار بالنفس وبالآخرين، وايذاء الغير حرام بينما تقبيل الحجر الاسود مستحب وكذلك الاقتراب من الكعبة، وهل يصح اداء المستحب بارتكاب المحّرم؟ وقد نجد بعض الناس يحرصون على ان يكونوا في الصفوف الاولى لصلاة الجماعة، وذلك مستحب بلا ريب، وفيه اجر كبير لكنه اذا استلزم ايذاء الآخرين ومدافعتهم، وجرح مشاعرهم، فانه يتحول الى سبب للاثم والوزر.
وضمن هذا السياق ما تعارف عليه البعض من رفع صوت المكبرات والسّماعات وهى الميكرفونات اثناء تلاوة القرآن، أو قراءة الادعية، ومجالس العزاء، في اوقات راحة الناس المجاورين للمسجد أو الحسينية أو المنزل مع عدم الحاجة الى ذلك فالمستمعون عدد محدود داخل المكان، وصوت المكبّرة يخترق المسافات، مما يزاحم راحة المجاورين، وقد يكون فيها مرضى أو اطفال أوما اشبه، أو أن صوت المكبّرة يزاحم مجلسا آخر ومسجدا آخر، فتتعارض الاصوات وتتداخل مما يعطي انطباعا سلبيا عن الحالة الدينية، واغلب المساجد في بلادنا يستخدمون مكبّرة الصوت اثناء صلاة الجماعة، وبشكل مزعج، رغم تحذير وزارة الاوقاف من ذلك، حتى اصبح البعض من الناس يهربون من مجاورة المساجد.
بسبب ذلك الازعاج، وان مثل هذه الممارسات خطأ، يكسب اصحابها الاثم، لانه لا يطاع الله من حيث يعصى، ولا يرضى الله تعالى بايذاء الآخرين وازعاجهم، ولقد حفظ الله سبحانه وتعالى للإنسان عامة حقه بين بني الإنسان فجاء في القرآن العظيم وفي أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم البيان الكامل لحق الإنسان فردا وجماعة حاكما أو محكوما.