مقال

الدكروري يكتب عن الإسلام أعم والإيمان أخص

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإسلام أعم والإيمان أخص

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه لا مجال للإمتيازات في دعوة الحق، والطريق إلي سبيل الله عز وجل بسبب الحسب، والنسب، أو المال والجاه، فهي إنما جاءت لتأصيل النظرة إلى الإنسان، وبيان وحدة الأصل، وما تقتضيه من المساواة، والتكافؤ، فنرى عتاب الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في آيات تتلى إلى يوم القيامة، وكان هذا العتاب في شأن رجل فقير أعمى من الصحابة، أعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، ولم يجبه عن سؤاله لانشغاله بدعوة بعض أشراف مكة، ومن هنا يمكن تعليل شدة أسلوب العتاب الذي وجهه الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، للاهتمام الكبير الذي أظهره لأبيِّ بن خلف، على حساب استقباله لابن أم مكتوم الضعيف رضي الله عنه.

 

فابن أم مكتوم يرجح في ميزان الحقِ على الملايين من أمثال أبيِّ بن خلف وكانت لهذه القصة دروس، وعبر، استفاد منها الرعيل الأول ومَن جاء بعدهم من المسلمين، وإن الإسلام أعم والإيمان أخص، فكل مؤمن مسلم ولا عكس، ومثله الفقير والمسكين، فإذا ذكر أحدهما يحمل معنى الآخر، فتقول، أقوم بتوزيع هذا المال على الفقراء، أو أقوم بتوزيع هذا المال على المساكين، وكذلك يزداد الإيمان من حيث القول، فإن من ذكر الله عشر مرات، ليس كمن ذكر الله مئة مرة، فالثاني أزيد بكثير، وكذلك أيضا من أتى بالعبادة على وجه كامل يكون إيمانه أزيد ممن أتى بها على وجه ناقص، فلو صلينا الظهر مثلا، فإن الدرجة التي يحصل عليها، كل واحد منا تختلف عن الآخر تماما.

 

وهذا راجع إلى خشية العبد وتقواه لربه، والنسبة المئوية تختلف من شخص لآخر، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، يصور ذلك فيقول “إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها” رواه أحمد، والإيمان الحقيقي إذا لامس شغاف القلب وتمكن من مجامع النفس انعكست آثاره القوية على الروح والعقل، وعلى الفرد والمجتمع، فمن ثمراته أنه يورث العبد حسن الخلق لأن الإيمان والأمانة صنوان، لا يفترقان حيث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له” كما أن الإيمان والحياء قرينان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر”

 

والإيمان والصدق متلازمان، فعن صفوان بن سليم، رضي الله عنه، أنه قال، قيل يا رسول الله ” أيكون المؤمن جبانا؟ فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن بخيلا ؟ فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن كذابا ؟ فقال لا ” ولقد عرف بعضهم الإيمان بالصدق، فقال الإيمان الحقيقي هو أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك، وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك، فإن وجدت أخلاقا كريمة، فهي نتاج إيمان صحيح، فالمؤمن لا يتكلم إلا بالقول الطيب الذي يُصلح ولا يفسد، يبني ولا يهدم، يُعمر ولا يُخرب، لأن ديننا الحنيف دين الأخلاق، والإصلاح والبناء، والتعمير، فمن زاد عليك في ذلك فقد زاد عليك في الدين ومن ثمرات الإيمان، هو السكينة والطمأنينة.

 

فإذا تمكن الإيمان من النفس البشرية فإنها حينئذ تمتلئ بالسكينة واليقين والرضا، فتسعد في الدنيا والآخرة، والمؤمن الحقيقي يدرك يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وهذا ما يجعله يتقلب بين مقام الشكر حال السراء، ومقام الصبر حال الضراء، فيطمئن قلبه بأن كل ما قضاه الله عز وجل هو خير له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى