
الدكروري يكتب عن وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون
بقلم / محمــــد الدكـــروري
عندما يتطاول الإنسان ويحرم ما أحله الله، أو يحلل ما حرمه الله، فقد ارتكب إثما كبيرا، لذلك فإن أكبر معصية على الإطلاق رغم أن هناك إثم، وهناك عدوان، وهناك فحشاء، وهناك منكر، وهناك نفاق، وهناك شرك، وهناك كفر، ولكن فوق كل هذه وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون، وأن تحلل حراما أو تحرم حلالا، والدليل العقلى أن الله لا يعقل أن يخلق شيئا من أجل الإنسان ثم يحرمه عليه، فهذا شيء عبس، فخلق سبحانه وتعالي ما في الكون من أجل الإنسان ثم يحرم هذه الطيبات على الإنسان؟ أما إذا حرم بعض هذه الجزئيات فالحكمة بالغة، فإن في الشرع الإسلامي أشياء أمرنا الله تعالى بها، وفي الشرع الإسلامي أشياء نهانا الله تعالى عنها، وفي هذا الشرع العظيم أشياء كثيرة جدا سكت الله عنها لم يأمرنا بها.
ولم ينهنا عنها هي المباحات، لذلك يمكن أن نقول هناك أمر واجب، وفرض، وواجب مستحب أو مندوب، ومباح، ومكروه تنزيها، ومكروه تحريما، وحرام، فيجب أن يعمل عقل المؤمن دائما، كل حركة، كل سكنة، كل تصرف، كل موقف، يجب أن يصنفه في أحد هذه الأحكام الستة، فرض، واجب، مندوب، مباح، مكروه تنزيها تحريما، حرام، والتحليل والتحريم هو الذي حلله الله تعالى وحرمه الله تعالى، وأما عن النقطة الثانية وهى أن دائرة المباحات كبيرة جدا، وأن دائرة المحرمات صغيرة جدا، أى لو أخذنا نسبة المحرمات إلى نسبة المباحات لوجدنا أنها نسبة تكاد لا تذكر، وقد يسأل سائل لماذا خلق الله لحم الخنزير؟ ولماذا خلق الله التخمر؟ وهذا قانون كيميائى لماذا خلقه الله عز وجل؟
لأن الدنيا دار ابتلاء، لأن الدنيا في أصلها دار ابتلاء، فقال الله تعالى فى سورة الملك ” الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ” فإن كنا مبتلين لأن الدنيا هي دار بلاء وامتحان، لذلك لابد من منهيات، ولابد من محرمات، فلو ألغيت المحرمات ألغى التكليف، وألغى حمل الأمانة، وألغى الثواب، وألغى العقاب، فلابد من أشياء محرمة لتمتحن في تركها، حيث أنه لا تظهر إرادة المؤمن في طاعة الله عز وجل إلا بترك المحرمات، فلو تصورنا أن الله تعالى خلق كل شيء مباح إطلاقا للإنسان، فمن هو الطائع؟ ومن هو العاصى؟ ومن هو المستقيم؟ ومن هو المنحرف؟ ومن هو الصالح؟ ومن هو الفائز؟ وهكذا فلو ألغيت العبادة، ألغى التكليف.
وألغيت الأمانة، ألغى الثواب، ألغى العقاب، ألغيت الجنة، فلابد من المحرمات، وأما عن حكمة وجود المحرمات فهى متعلقة بحكمة التكليف، وبحكمة الابتلاء، وبحكمة الامتحان، والدليل هو قول الله عز وجل كما جاء فى سورة البقرة ” وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” فإذن بالواقع لحم الخنزير محرم، وإن مقابل هذا التحريم، كم من أنواع اللحم حلال أكله؟ مئات، وكذلك الخمر محرمة، وإن مقابل هذا التحريم كم نوع من أنواع الشراب اللذيذة الطيبة الطاهرة محللة؟ فهى أنواع منوعة، ولذلك ورد في الحديث عن أبى الدرداء رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
” ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته” رواه البزار والحاكم، وهكذا فإن المباح لا يحتاج إلى دليل أما التحريم فيحتاج إلى دليل، لذلك المؤمن لا يحزن، كل شيء في الأصل مباح، وإذا قال إنسان هل يجوز أن ألبس على سبيل المثال شئ مصنوع في بلاد اليهود؟ فنقول له يجوز، فإذا قال لا يجوز، لقد صنعها الكفار، فنقول له أن هذا شيء مباح، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا هذه الآية ” وما كان ربك نسيا”