مقال

الدكروري يكتب عن أعظم درجات الصدقة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أعظم درجات الصدقة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

يا أيها الناس اتقوا الله حق التقوى، وكونوا ممن يؤتي ماله يتزكى، وكونوا سباقين إلى الخيرات وأفضل الصدقات، فإنه “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء” فمن سبق إلى الصدقة إذا دعي إليها، أو رأى السائل، كان له مثل أجر كل من تصدق بعده، واعلموا أن أعظم الصدقة أجرا أن تتصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان واعلموا أن الله ليدخل بلقمة الخبز وقبضة التمر ومثلهما مما ينتفع به المسكين ثلاثة الجنة رب البيت الآمر به، والزوجة تصلحه، والخادم الذي يناوله المسكين، فمن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، فإن للسائل حقا ولو جاء على فرس، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله.

 

واعلموا أن أحق من تصدقتم عليهم أقاربكم الذين لا تلزمكم نفقاتهم فإن الصدقة على ذي القرابة يضاعف أجرها مرتين فإنها على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان، صدقة وصلة، وهكذا النفقات يبدأ الإنسان أولا بنفسه، ثم بمن يعول، فقال صلى الله عليه وسلم “ابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك” فاتقوا الله ربكم حق تقواه، واخشوه حق الخشية، وعظموه أحسن تعظيم، وأجلوه أكبر إجلال، واعلموا أن من شواهد ذلك وصدقه، وعلامات زيادته وقوته هو الصدقةَ تقربا إلى الله تعالى، حيث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” الصدقة برهان” أى برهان على صدق الإيمان وصحته، ولهذا تجد أكثر الناس إيمانا بالله تعالى وبإخلافه أكثرهم صدقة، وإن من أجلّ العبادات، وأعظم القرب، وأنفع الطاعات الصدقة على فقراء المسلمين ومساكينهم.

 

والإنفاق على محاويجهم ممن دهمتهم الحروب فأتلفت أموالهم، وعطلت معايشهم، وأجلَتهم مِن بيوتهم وبلادهم، والبذل على من أصابتهم الأمراض والأوبئة والعاهات فأقعدتهم عن التكسب والعمل، والجود على من حلت بأرزاقهم الجوائح مِن سيول وعواصف وأعاصير وزلازل وفيضانات، والإعانة لمن خنقتهم الديون أو حبستهم في السجون، فالمنفق عليهم محسن لنفسه قبل غيره، والمنفق عليهم متسبب في بسط رزقه، وزيادة ماله، وحلول البركة فيه، ودعاء الملا ئكة له بالرزق، فإن المال الذى آتاه الله بني آدم، إنما أعطاهم إياه فتنة، أى اختبارا وابتلاء، لينظر هل يحسنون التصرف فيه أم يسيؤون، فمن الناس من ينفقه في شهواته المحرمة، ولذائذه التي لا تزيده من الله إلا بعدا، فهذا يكون ماله وبالا، وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال.

 

” لا تزول قدم عبد يوم القيامه حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه” ومن الناس من يبذل ماله في غير فائدة، ليس فى شيء محرم، ولا في شيء مفيد أو مستحب، فهذا ماله ضائع عليه، وهو نادم عليه يوم الحساب شديدا، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ” أنه نهى عن إضاعة المال” ومن الناس من ينفقه ابتغاء وجه الله، فيما يقربه إليه، وعلى حسب شريعته، فهذا ماله خيرا له، إن المال النافع للعبد هو المال الذى قدمه لآخرته، فأنفقه وفق شرع الله تعالى، إما في نفقة واجبة أو بر وإحسان ومعروف مستحب، ولكن أيحزن المتصدق أم يسعده أن يكون يوم القيامة حين تدنو الشمس من الرؤوس في ظل صدقته، وهل أيحزن المتصدق أم يسعده أن يأتي يوم القيامة وقد أطفأت صدقته خطاياه، فأحسنوا إلى أنفسكم فتصدقوا ولا تبخلوا، وإياكم أن تحتقروا قليل الصدقة.

 

فتردكم أو تضعفكم عن الإنفاق في وجوه البر، وميادين الإحسان، فإن قليل الصدقة ولو كان نصف تمرة يحجب عن النار، وإن كان بكم خوف فلا تخافوا من الفقر، وإن كنتم في قلق فلا تقلقوا من الفقر، ولا تخافوا ولا تخشوا إلا من الدنيا أن تبسط عليكم فتنافسوها، وتلتهوا بها، وتهلكوا بسببها، وما يضر المسلم لو عاش في هذه الدنيا فقيرا، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب محبوسون” وأصحاب الجد، هم أهل الغنى والوجاهة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ” يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى