
الدكروري يكتب عن الإمام عطاء بن أبي رباح ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
وعن يعلى بن عبيد قال دخلنا على ابن سوقة فقال يا ابن أخي أحدثكم بحديث لعله ينفعكم فقد نفعني قال لنا عطاء بن أبي رباح إن من قبلكم كانو يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها أتنكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفته التي أملى صدره نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته، وقال ابن جريج عن عطاء إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد، وروى علي عن يحيى بن سعيد القطان قال مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير كان عطاء يأخذ عن كل ضرب، وعن الفضل بن زياد عن أحمد بن حنبل قال ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح.
كانا يأخذان عن كل أحد ومرسلات ابن المسيب أصح المرسلات ومرسلات ابرهيم النخعي لا بأس بها، وروى محمد بن عبد الرحيم عن علي بن المديني قال كان عطاء واختلط بأخرة تركه ابن جريج وقيس بن سعد قلت لم يعن علي بقوله تركه هاذان الترك العرفي ولكنه كبر وضعفت حواسه وكانا قد تكفيا منه وتفقها وأكثرا عنه فبطلا فهذا مراده بقوله تركاه ولم يكن يحسن العربية، وروى العلاء بن عمرو الحنفي عن عبد القدوس عن حجاج قال عطاء وددت أني أحسن العربية قال وهو يومئذ ابن تسعين سنة، وعن عطاء قال أعقل مقتل عثمان وقال عمر بن قيس سألت عطاء متى ولدت قال لعامين خلوا من خلافة عثمان، وعن ابن جريج قال لزمت عطاء ثماني عشرة سنة وكان بعد ما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لايزول منه شيء ولا يتحرك، وقال عمر بن ذر ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح.
وما رأيت عليه قميصا قط ولا رأيت عليه ثوبا يساوي خمسة دراهم، وقال ابن جريج سمعت عطاء يقول إذا تناهقت الحمير بالليل فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وعن عطاء قال لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينا ولا آمن نفسي على أمة شوهاء قلت صدق ففي الحديث ألا لايخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان، وروى عفان عن حماد بن سلمة قال قدمت مكة وعطاء حي فقلت إذا أفطرت دخلت عليه قال فمات في رمضان وكان ابن أبي ليلى يدخل عليه فقال لي عمارة بن ميمون إلزم قيس بن سعد فإنه أفقه من عطاء،وقال محمد بن علي بن حسين ما بقي أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء بن أبي رباح، وقال أبو زرعة الرازي عطاء بن أبي رباح مكيّ ثقة، وقال الشافعي ليس في التابعين أحد أكثر اتباعا للحديث من عطاء، وقال سعيد بن أبي عروبة إذا اجتمع أربعة لم أبالي بمن خالفهم الحسن.
وسعيد بن المسيّب، وإبراهيم، وعطاء، هؤلاء أئمة الأنصار، وقال إبراهيم بن عمر بن كيسان أذكرهم في زمان بني أمية يأمرون في الحاج صائحا يصيح لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح، وقال ربيعة بن عبد الرحمن فاق عطاء بن أبي رباح أهل مكة في الفتوى، وقال النووي اتفق العلماء على توثيق عطاء بن أبي رباح وجلالته وإمامته، وقال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ما رأيت مفتيا خيرا من عطاء بن أبي رباح، إنما كان في مجلسه ذكر الله لا يفتر وهم يخوضون، فإن تكلم أو سئل عن شيء أحسن الجواب، وروى أبو نعيم عن أسلم المنقري، قال كنت جالسا مع أبي جعفر الباقر فمر عليه عطاء، فقال ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء بن أبي رباح، سمعت سليمان بن أحمد يقول سمعت أحمد بن محمد الشافعي، يقول كانت الحلقة في الفتيا بمكة في المسجد الحرام لابن عباس.
وبعد ابن عباس لعطاء بن أبي رباح، وقال أحمد بن حنبل عطاء بن أبي رَباحٍ مكي تابعي ثقة، وكان يفتي أهل مكة في زمانه، وقال عمرو بن دينار ومجاهد وغيرهما من أهل مكة لم يزل شأننا متشابها متناظرين حتى خرج عطاء بن أبي رباح إلى المدينة، فلما رجع إلينا استبان فضله علينا، وقال أبو حنيفة ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء بن أبي رباح، وقال قتادة بن دعامة عطاء بن أبي رباح أعلم أهل زمانه بالمناسك، وقال يحيى بن معين: عطاء بن أبي رباح ثقة، وقال إسماعيل بن أمية كان عطاء يطيل الصمت، فإذا تكلم يخيّل إلينا أنه يؤيد، ومن أقول عطاء بن أبي رباح أنه قال أفضل ما أوتي العباد العقل عن الله، وهو الدين، وقال عمر بن الورد، قال لي عطاء إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة، فافعل.