
الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 2″
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
ونكمل الجزء الثاني مع فضل العشر الأواخر من رمضان، وكما أن قيام الليل فى هذا الشهر الكريم وهذه الليالى الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه، وأيضا الإعتكاف، ومما ينبغى الحرص الشديد عليه فى هذه العشر هو الاعتكاف فى المساجد التى تصلى فيها فقد كان هدى النبى صلى الله علية وسلم المستمر الاعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت وإنما كان يعتكف فى هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعا لانشغاله وتفريغا للياليه وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه, وكان يحتجز حصيرا يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم، وإن من أسرار الاعتكاف هو صفاء القلب والروح، إذ أن مدار الأعمال على القلب كما فى الحديث ” ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب”
فلما كان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام والشراب والنكاح فكذلك الاعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التى تفرق أمر القلب وتفسد اجتماعه على طاعة الله، وأيضا قراءة القرآن ومن أهم الأعمال فى هذا الشهر وفى العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع, واعتبار معانية وأمره ونهيه فقال تعالى ” شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان” فهذا شهر القرآن, وقد كان النبى الكريم صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل عليه السلام فى كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التى توفى فيها صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن على جبريل مرتين.
وقد أرشد النبى الكريم صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال “إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إنى لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف” رواه الترمذى، واخبر النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال صلى الله علية وسلم “يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به فى الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما” رواه مسلم، ومن الأعمال المستحبه هى الزكاه وفى سبيل أن يعظم الله الأجر ويجزل الثواب للصائمين وكما قرن الله تبارك وتعالى اختتام فريضة الصيام بأداء الزكاة وبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم المغزى منها حيث روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
“صدقة الفطر طهرة الصائم من اللغو والرفث وطعمة المساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم، وهكذا فإن من الأعمال الواجبه فيها هي زكاة الفطر حيث تجب على الغنى والفقير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “صاع من بر أو قمح على كل صغير أو كبير حر أو عبد، ذكر أو أنثى غنى أو فقير، أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى” رواه احمد وأبو داوود، وكان رسول الله صلى الله علية وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول صلى الله علية وسلم “تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان” رواه البخارى، فاحرص على قيام العشر الأواخر من رمضان, ولو أن تضطر إلى تأجيل الأعمال الدنيوية, فلعلك تحظى بقيام ليلة القدر.
فإن قيامك فيها تجارة عظيمة لاتعوض، وتأتي أهمية قيام ليلة القدر أنها ليلة يحدد فيها مصير مستقبلك لعام قادم ففيها تنسخ الآجال, وفيها يفرق كل أمر حكيم، فاحرص أن تكون فيها ذاكرا لله ومسبحا له, أو قارئا للقرآن, أو قانتا لله, وأن تسأله السعادة في الدنيا والآخرة, وإياك أن تكون فيها فى مواطن الغفلة، كالأسواق ومدن الملاهى ومجالس اللغو فيفوتك خير كثير، فقيام ليلة القدر، وهى إحدى ليالى الوتر من العشر الأخير من رمضان أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وذلك لقوله تبارك وتعالى “ليلة القدر خير من ألف شهر” أى ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبا، وأن سبب تسميتها بليلة القدر، هو أنها سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أى ذو شرف وأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة.