مقال

الدكروري يكتب عن الإمام حفص ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام حفص ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام حفص هو أبو عمر حفص بن سليمان بن المغيرة بن البزاز الأسدي الكوفي، والبزاز نسبة لبيع البز أي الثياب، وكنيته أبو عمر، وهو ربيب عاصم بن أبي النجود الكوفي وأعلم الناس بقراءته، وكان التلميذ المفضل على زملائه الذين تعلموا القرآن الكريم على شيخهم عاصم بن أبي النجود، وكان شيخ القراء بالكوفة بعد عاصم، ونزل ببغداد فأقرأ فيها وجاور مكة فأقرأ بها أيضا، وروى القراءة عنه خلق كثير ومعظم المصاحف في العالم هي حسب روايته، وكان مولده سنة تسعين هجرية، وتعد رواية حفص عن عاصم، هي الرواية الأشهر للقرآن الكريم في العالم الإسلامي، والتي يحفظ بها أغلب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، خاصة وأن حفص كان ممن التزم بهذه الطريقة في قراءته للقران الكريم، وأتقنها وصار شيخا فيها بعد معلمه وله طلابه.

وتلاميذه الذين يأخذون عنه، حتى صارت أشهر طرق القرآن في التلاوة، بسبب اتقانه وبراعته وحفظه في عصره، وقد نقل هذه القراءة عن أستاذه عاصم التابعي المعروف، ورواية حفص اشتهرت بين المسلمين ليست لأنها متواترة، فإن القراءات العشر متواترة كلها، ولكن من أسباب انتشارها، هو ما علم من إتقان حفص لروايته، عن عاصم, وتفرغه للإقراء، واهتمامه به أينما كان في مكة، أو ببغداد، أو الكوفة، فأخذ عنه كثير من الناس، وتنتشر هذه الرواية في بلاد الحرمين، وأرض الشام ومصر ودول العالم التي لا تتحدث العربية بأغلبية أكبر من مجموع الروايات من القراءات الأخرى، ولم يكن حفص بن سليمان متقنا لعلم رواية الحديث كإتقانه للقرآن وحروفه، ولعل السبب في ذلك هو استغراق أكثر وقته في القراءة والإقراء، ولا يعتد به في الأحاديث حيث يرفض البخاري ومسلم الأخذ منه.

إلا إذا جاء الحديث مقرون براوي آخر ثقة، واتفقت كلمة أكثر علماء الجرح والتعديل على تضعيفه في علم رواية الحديث، ومما ورد في ذلك هو قول الإمام أحمد ما به بأس، ورُوي أنه قال عنه صالح، وقال ذات مرة متروك، وقال يحيى بن معين عنه ليس بثقة، وقال ابن المديني هو ضعيف الحديث، وتركته على عمد، وقال إبراهيم الجوزجاني أنه قد فرغ منه من دهر، وقال النسائي أنه ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال في موضع آخر أنه متروك، وقال زكريا الساجي له أحاديث بواطيل، وقال ابن عدي عامة أحاديثه غير محفوظة، وقال أبو زُرعة أنه ضعيف الحديث، إلا أن وكيع بن الجراح قال عنه كان ثقة، وقد أخرج له الترمذي والنسائي في مسند الإمام علي رضي الله عنه متابعة، وابن ماجه، وإن الرواية مروية عن حفص عن عاصم عن عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن مسعود.

وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمتاز هذه الرواية بفصاحة الكلمات وعبارات بلغة قريش، أو اللغة العربية العدنانية، وهي بسيطة، وتحتكم إلى قواعد النحو المعروفة، وألفاظها قريبة من جميع ألفاظ العرب يفهمها جميع العرب لأنها لغة قريش أوسط العرب نسبا وقد خالطهم جميع العرب، بالحج إليهم أكثر من مرة، وفيها اختلافات في اللفظات، أو اللهجات في القراءة عند شعبة، وورش، الروايتان الأشهر بعد حفص عن عاصم، من الاختلافات بينها وبين ورش، قوله تعالى في سورة الفاتحة “مالك يوم الدين” ووردت عند ورش بلفظة “ملك يوم الدين” ومن الاختلافات أيضا أن مد الإمام ورش أطول من مد الإمام حفص في التلاوة حيث يكون مد حفص حركتين للمنفصل أما ورش فيجب المد أربع إلي ست حركات في ذلك.

ويقول الشيخ عبد الفتاح القاضي عن منهج الإمام عاصم الكوفي في القراءة، أنه يبسمل بين كل سورتين إلا بين الأنفال وبراءة فله السكت والوصل، وأنه يقرأ المدين المتصل والمنفصل بالتوسط بمقدار أربع حركات، وانه يميل شعبة عنه مثل ألف كلمة “رمى” كما في قوله تعالي” ولكن الله رمى” سورة الأنفال، وألف كلمة “أعمى” في موضعي سورة الإسراء في قوله تعالي ” ومن كان في هذا أعمى فهو في الآخرة أعمى” وألف كلمة ” نآى” في قوله تعالي “ونآي بجانبه” في سورة الإسراء، وألف كلمة “ران” في قوله تعالي” كلا بل ران” في سورة المطففين، وألف في قوله تعالي ” شفا جرف هار” في سورة التوبة، ويميل حفص عنه الألف بعد الراء في قوله تعالي ” مجريها” ويفتح من رواية شعبة ياء الإضافة في قوله تعالي “من بعدي اسمه أحمد” في الصف ويسكنها من رواية شعبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى