مقال

الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 8″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع الأحكام الفقهية للصيام، وأما عن الصيام واختلاف المواقيت، فإنه بالنسبة للبلاد التي يضطرب فيها أوقات الليل والنهار وضمن مجالات فقه الصيام، قرر المجمع الفقهى الإسلامى التابع لرابطة العالم الإسلامي فى شأنهم أنهم تنقسم الجِهات التي تقع على خطوط العرض ذات الدرجات العالية إلى ثلاث أمور، فالأولى تلك التي يستمر فيها الليل أو النهار أربعا وعشرين ساعة فأكثر بحسب اختلاف فصول السنة، ففى هذه الحال تقدر مواقيت الصلاة والصيام وغيرهما فى تلك الجهات على حسب أقرب الجهات إليها مما يكون فيها ليل ونهار متمايزان فى ظرف أربع وعشرين ساعة، والثانية فى فقه الصيام البِلاد التى لا يغيب فيها شفق الغروب حتى يطلع الفجر، بحيث لا يتميز شفق الشروق من شفق الغروب، ففى هذه الجهات يقدر وقت العشاء الآخرة.

والإمساك فى الصوم وقت صلاة الفجر، بحسب آخر فترة يتمايز فيها الشفقان، والثالثة هو تلك التى يظهر فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة وتتمايز فيها الأوقات، إلا أن الليل يطول فيها فى فترة من السنة طولا مُفرطا، ويطول النهار في فترة أخرى طولا مُفرطا، ومن كان يقيم في هذه البلاد التي يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس، إلا أن نهارها يطول جدا في الصيف، ويقصر في الشتاء، وجب عليهم أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فى بلادهم مادام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعا وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيرا، ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات.

أو التجربة، أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى مرضه مرضا شديدا، أو يفضى إلى زيادة مرضه أو بطء برئه، أفطر ويقضي الأيام التي أفطرها فى أى شهر تمكن فيه من القضاء، وفي فقه الصيام، من أدركه العيد فى بلده فسافر بلدا فوجد أنهم لا يزالون صائمين بسبب طول شهر رمضان عندهم فلا يجب عليه أن يصوم مثلهم، وكذلك من سافر بعد الغروب فوجد الشمس في البلد التي سافر إليها، لم تغرب بعد فلا يجب عليه أن يمسك، ومن بدأ صيام رمضان فى دولة ما ثم سافر إلى أخرى فجاء عليه العيد وكان مجموع ما صامه فى البلدين أقل من تسعة وعشرين يوما ففى فقه الصيام عليه أن يفطر مع المسلمين فى يوم العيد، ثم عليه بعد العيد أن يتم ما فاته ليكون مجموع ما صامه تسعة وعشرين يوما فإن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما.

ومن صام في بلده ثلاثين يوما، ثم سافر فى اليوم الثلاثين إلى بلد آخر فيجب عليه أن يصوم كما يصومون، ولا يعيد إلا معهم حتى لو أدى ذلك إلى صيامه أكثر من ثلاثين يوما، وكذلك من سافر من بلده قبل الغروب بساعة فإذا به يصل إلى بلد السفر فيجد أنهم لا يزالون في وسط النهار فعليه أن لا يفطر إلا معهم، وإذا أحب الإفطار لرخصة السفر فله ذلك، وعليه قضاء اليوم، ومن المعلوم في فقه الصيام أن السفر بالنهار إذا كان إلى جهة المشرق فإن النهار سيقصر مع المسافر، وإذا كان سفره إلى جهة المغرب فإن النهار سيطول معه، والقاعدة في ذلك أن راكب الطائرة متى عرف طلوع الفجر، في سماء البلد الذي هو فيه فعليه أن يمسك، ثم له أن يفطر إذا حل عليه الغروب فى أية لحظة حتى لو كان مجموع صيامه فى ذلك اليوم أقل من خمس ساعات، وحتى لو كان مجموع صيامه أكثر من عشرين ساعة.

فالعبرة بميقات البلد الذي هو فيه، وتحديدا بميقات الجو لا الأرض، فإذا كانت الشمس قد غربت فى بلد سفره إلا أنه لا يزال يرى الشمس لارتفاعه بالطائرة فليس له أن يفطر إلا إذا غابت الشمس عن عينيه، وأما عن الصيام والمرض، فإن المرض الذى يكون الصيام سببا لزيادته، أو سببا في تأخر شفائه، أو سببا في جلب المشقة لصاحبه يرخص له في فقه الصيام فى الفطر على أن يقضي المريض ما فاته فى أيام أخر، ويكفي أن يغلب على ظن المريض حدوث هذا، على أن غلبة الظن هذه تعرف من طريقين لا ثالث لهما، فالأول هو تجربة الشخص نفسه، أو تجربة من كان مريضا بنفس مرضه، والثاني هو إخبار الطبيب المسلم الثقة الكفؤ، وقد أجاز الشيخ ابن العثيمين الترخص بقول الطبيب غير المسلم إذا كان كفؤا مشهورا بالصدق، وفى هذا سعة كبيرة للمسلمين في الغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى