مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن سيد الناس ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن الإمام إبن سيد الناس ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام إبن سيد الناس هو محمد بن محمد بن محمد اليعمري، فتح الدين أبو الفتح الإشبيلي، المعروف بابن سيد الناس محدث، وهو حافظ ومؤرخ وفقيه أندلسي الأصل، وكان أحد حفاظ الحديث المشهورين وفضلائهم المذكورين بالمغرب، وقال الإمام الذهبي ” الحافظ أبو بكر هو جد صاحبنا الحافظ فتح الدين محدث مصر، رأيت لأبي بكر “كتاب بيع أمهات الأولاد” في مجلد يدل على سيلان ذهنه وسعة حفظه وسعة إمامته” وقيل عنه أبو الفتح، محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، فتح الدين ابن سيد الناس، اليعمري الربعي، وهو مؤرخ وعالم بالأدب، من حفاظ الحديث، له شعر رقيق، أصله من أشبيلية، مولده ووفاته في مصر، وقد ارتحلت أسرته من الأندلس قبل مولده، واتخذت من القاهرة محل إقامة لها، وبها كان مولده سنة ستمائة وواحد وسبعون من الهجرة.

 

وذلك في العقد الأخير من حكم السلطان الظاهر بيبرس وعاصر دولة المماليك في عصرها الأول، وقيل عنه أندلسى الأصل من أشبيليه وولد فى مصر وكان حافظا بارعا وأديبا بليغا حسن المحاورة ، لطيف العبارة لا تمل محاضرته كريم الأخلاق زائد الحياء، حسن الشكل وهو من بيت رياسة وعلم، وسمع وقرأ وارتحل وكتب وحدث وأجاز، وأخذ علم الحديث عن والده وابن دقيق العيد ولازم ابن دقيق العيد سنين كثيرة وتخرج عليه وقرأ عليه أصول الفقه، وقرأ النحو والعربية على ابن النحاس وولى دار الحديث بجامع الصالح وخطب بجامع الخندق وارتحل الى دمشق سنة ستمائة وتسعون للهجرة، فكاد يدرك الفخر بن البخارى ففاته بليلتين وسمع من الكندى وغيره وكتب الخط المغربى والمصرى فأتقنهما قال الشيخ شمس الدين ولعل مشيخته تقارب الألف.

 

ونشأ ابن سيد الناس في أسرة اشتهرت بالعلم والثقافة، فكان والده على جانب كبير من العلم الشرعي والأدبي، وولي مشيخة الكاملية بعد ابن دقيق العيد، كما كان جده يلقب بخطيب تونس وعالم المغرب، واعتنى به والده منذ صغره، فحرص على تأديبه وتنشئته نشأة دينية، وتولى بنفسه تعليمه كثيرا من المعارف والعلوم وعلى رأسها علم الحديث، فكان شيخه في هذا الباب، وعنه روى كثيرا من الكتب بأسانيدها، وكان يحضره إلى كبار علماء عصره فيجيزونه، وفي ذلك يقول عن نفسه ” ومولدي في رابع عشر ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وست مائة بالقاهرة، وفي هذه السنة أجاز لي الشيخ المُسند نجيب الدين أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحرّاني، وكان أبي رحمه الله يخبرني أنه كَناني، وأجلسني في حجره، وكان يسأله عني بعد ذلك، وأجاز لي بعده جماعة.

 

ثم في سنة خمس وسبعين حضرت مجلس سماع الحديث عند جماعة من الأعيان، منهم الحبر الإمام شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي ابن أخي الحافظ عبد الغني المقدسي، وأثبت اسمي في الطباق حاضرا في الرابعة ، ولقد اشتغل الأمام فتح الدين بالعلم فبرع فيه وساد أقرانه فى علوم شتى من الحديث والفقه والنحو وعلم السير والتواريخ وغير ذلك من الفنون وله الشعر الرائق الفائق وشعره، رقيق سهل التركيب منسجم الألفاظ عذب النظم بلا تكلف وله مدائح حسان فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إماما فى الحديث ناقدا فى الفن خبيرا بالرجال والعلل والأسانيد عالما بالصحيح والسقيم، وكانت لابن سيد الناس رحلات عديدة في طلب العلم والسعي إليه، حاله حال من سبقه من علماء المسلمين.

 

فكانت له رحلة إلى بلاد الشام والحجاز والإسكندرية، التقى خلالها بأبرز علمائها، وأشارت المصادر إلى أنه أخذ العلم عما يقارب الألف من العلماء قراءة وسماع وإجازة، حتى أهلته ليكون واحدا من أبرز علماء عصره، وكان في مقدمتهم الإمام قطب الدين القسطلاني، وعن ذلك يقول ” ثم في سنة خمس وثمانين كتبت الحديث عن شيخنا الإمام قطب الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن القسطلاني رحمه الله بخطي، وقرأت عليه بلفظي، وعلى الشيوخ من أصحاب المسند أبي حفص بن طبرزد والعلامة أبي اليُمن الكندي والقاضي أبي القاسم الحرستاني والصوفي أبي عبد الله بن البنا وأبي الحسن بن البنا، وغيرهم بمصر والإسكندرية والشام والحجاز وغير ذلك، وأجاز لي جماعة من الرواة بالحجاز والعراق والشام وإفريقية والأندلس وغيرهم يطول ذكرهم “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى