
الدكروري يكتب عن عدلت شهادة الزور الشرك بالله ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع عدلت شهادة الزور الشرك بالله، فدعا عليه سعد بهذه الثلاث دعوات “أطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن” فكان هذا الرجل بعد ذلك يقول “شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد” فيقول راوي الحديث عبد الملك “فأنا رأيته بعد، قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبر، وإنه ليتعرض للجواري أى للفتيات في الطرق يغمزهن” أى يعاكسهن، فهو مفتون أصابته دعوة الرجل الصالح، بسبب ماذا؟ بسبب شهادة الزور التي شهد بها، ويقول الله عز وجل كما جاء فى سورة البقرة ” ولا تكتموا الشهاده ومن يكتمها فإنه آثم قلبه” وهى بمعنى إذا كتموها وهم يعلمون عليهم إثم، ولا يجوز لهم ذلك، أما إن كان عندهم شك فلا حرج عليهم، إذا كان ما عندهم ضبط لا يجوز لهم الشهادة وهم غير ضابطين، فلا يجوز لهم يجاملون لأجل أحد له حق عليهم.
أو لأنه صاحبهم فالشهادة أمرها عظيم فإذا كان عندهم علم وجب عليهم الأداء وحرم عليهم الكتمان، أما أن يشهدوا لأجل صاحبهم بالشبهة أو بالشك لا ما يجوز هذا، مثل ما يفعل بعض البدو وبعض الحضر أيضا ما دام صديقا له، يقول أنت صديقي وتعرف أني صادق اشهد لى، هذا ما يجوز، ولو أنك أخوه ولو أنك صادق، ما يشهد إلا بالأمر الواضح وإلا شهادة الزور من أقبح الكبائر نعوذ بالله، فلا بد أن يشهد الإنسان بشيء يعلمه، أما قوله أنك تعرفني، وأنا الحمد لله صدوق، وأنا وأنا وأنا اشتريت من فلان كذا أو بعته كذا اشهد لي هذا ما يجوز، ولو أنه من الصحابة ما يجوز يشهد له بغير حق، فإن شهادة الزور هي تعمّد الحنث باليمين أو تزوير تأكيد لقول الحقيقة، سواء كانت مكتوبة أو منطوقة، بشأن مسألة أساسية لإجراء قضائي ما، ويتعهد الشاهد كذبا.
بقول الحقيقة عن المسائل التي تؤثر على نتيجة القضية، على سبيل المثال، الكذب بشأن عمر شخص ما، لا يعتبر شهادة زور، إلا إذا كان العمر عاملا لتحديد النتيجة القانونية، كالجدارة باستحقاقات التقاعد بعد سن معين، وتعتبر شهادة الزور جريمة خطيرة لإمكانية استخدامها في اغتصاب سلطة المحاكم، وهو الأمر الذي يسبب إخفاق للعدالة، ونظرا لما لشهادة الزور من أضرار ومخاطر على الأفراد والمجتمعات فقد ورد ذمها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعا على الناس، والتهاون بها أكثر، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم، والعقوق يصرف عنه الطبع، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة، كالعداوة والحسد وغيرها، فاحتيج للاهتمام بتعظيمه وليس ذلك لعظمها بالنسبة.
بل لكون مفسدة الزور متعدية إلى غير الشاهد بخلاف الشرك فإن مفسدته قاصرة غالبا، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من الزور وقوله والعمل به حتى قال “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخارى، فإن شهادة الزور، هو مركب إضافي يتكون من كلمتين، هما الشهادة، والزور، أما الشهادة في اللغة، فمن معانيها البيان، والإظهار، والحضور، ومستندها المشاهدة، إما بالبصر، أو بالبصيرة، وأما الزور، فهو الكذب والباطل، وقيل هو شهادة الباطل، ويقال رجل زور، وقوم زور،أى، مُموه بكذب، وشهادة الزور عن الفقهاء هى الشهادة بالكذب، ليتوصل بها إلى الباطل، من إتلاف نفس، أو أَخذ مال، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال، وأما عن الفرق بين قول الزور وشهادة الزور، فإن قول الزور أعم.
وشهادة الزور أخص، والله عز وجل قال كما جاء فى سورة الحج ” فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور” فقول الزور يشمل الشهادة وغير الشهادة وهو الكذب، وقول الزور هو الكذب كونه يكذب على الناس صار كذا وكذا بيع كذا، سافر فلان وهو يكذب، قدم فلان، إلى غير هذا من الكذب، وشهادة الزور كونه يشهد لفلان، أنه باع كذا أو اشترى كذا أو أن عليه دين لكذا أو أن عنده مال لفلان يشهد بحق وهو كاذب، يشهد بشيء وهو كاذب، هذه من شهادة الزور، يشهد لفلان أنه شرى من فلان كذا وكذا، أن له دين على فلان وهو يكذب، هذه شهادة الزور، يشهد أنه قتل فلان أو ضرب فلان وهو يكذب، ويشهد بأنه سبه بأنه قذفه وهو يكذب، كل هذا يقال له شهادة الزور، وفي الحديث الصحيح يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله…؟