مقال

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 3”

الدكروري يكتب عن الإمام علي بن أبى طالب “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام علي بن أبى طالب، تكلم المسلمين من الطرفين بكلام الله عز وجل وذكروا بعضهم بآيات من كتاب الله وحثهم على الجهاد، فكانت هذه الأحاديث بشارات بالجنة، وبالثواب الجزيل لمن يقتل هؤلاء، وخطب علي بن أبي طالب رضي الله عنه في جيشه يحفزهم على القتال، وبدأ القتال بين الفريقين، وثبتوا ثباتا عجيبا حتى تم قتل منهم ستمائة، وجُرح أربعمائة، وقال أبو أيوب الأنصاري طعنت رجلا من الخوارج بالرمح فأنفذته في ظهره، فأيقن أنه ميت، فقلت أبشر يا عدو الله بالنار، فقال ستعلم أينا أولى بها صليا، فهو إلى آخر لحظة في حياته مُصرّ على ما هو عليه، وبعد انتهاء المعركة سريعا، سلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه الأربعمائة إلى ذويهم ليداووهم، وردّ أسلابهم، وأعطاهم فرصة أخرى للتوبة.

 

وسميت هذه المعركة معركة النهروان، ولكن يبقى الدليل الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، أنه علامة هؤلاء القوم، وهو الرجل ذو الثدية، فأرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أناس من جيشه ليبحثوا عنه، فلم يجدوه، فرجعوا إليه، وأخبروه بذلك، فقال رضي الله عنه في منتهى الثقة والله ما كَذبت وما كذبت، لئن أخرّ من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عودوا إليهم فستجدوه، فعادوا، فلم يجدوه، فأخبروه رضي الله عنه، فأعاد عليهم ما قاله لهم قبل ذلك فعادوا للمرة الثالثة، فوجدوه تحت مجموعة من القتلى على ضفاف النهر، فأخرجوه وكان أسودا شديد السواد، منتن الريح، ووجدوا فيه العلامة، فلما أخبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك سجد لله شكرا، وسجد معه القوم سجدة طويلة يشكرون الله تعالي.

 

على أن وفقهم لهذا الخير من قتل هؤلاء الخوارج، وكان قتال هؤلاء الخوارج أواخر سنة سبعة وثلاثين من الهجرة، أو أوائل سنة ثمانيه وثلاثين من الهجره، وهو الأصح، أما الخوارج الذين رجعوا عن قتال جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذهبوا إلى راية الأمان عند أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أو ذهبوا إلى البلاد القريبة، فلم يرجعوا عن اقتناع منهم بأنهم على الباطل، وإنما كان رجوعهم إما خوفا، وإما تقية، وإما استعدادا وترتيبا لقتال آخر في وقت لاحق، وظلوا طوال هذا العام يخرجون على عليٍّ رضي الله عنه واحدا تلو الآخر، فبعد موقعة النهروان التي قُتل فيها ستمائة وجُرح أربعمائة وقد خرج علية رضي الله عنه رجل يُسمّى الحارث بن راشد الناجي مع مجموعة من قومه، وردد نفس المقولة لا حكم إلا لله، وقاتلهم علي رضي الله عنه.

 

وقتل منهم الكثير، كما خرج عليه أيضا الأشهب بن بشر البجلي، وغيره كثير، وقاتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه جميعا، فكان أمر الخوارج هذا يقلب الأمور على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الكوفة، ولم يكن جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه لينا سهلا في يده يسمع له ويطيع كما ينبغي، فكان دائم الانقلاب عليه، وكثير الاعتراض على كثير من الأمور التي يراها الإمام علي رضي الله عنه مع أنه خير أهل الأرض في ذلك الوقت، أما الموقف في الشام فكان جيش معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يطيعه تماما، ولم يكن هناك أي حالة خروج عليه رضي الله عنه، فكان هذا ابتلاء من الله تعالى، لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانت مصر بعيدة عن ساحات القتال، وكان يتولى أمر مصر في هذا الوقت محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه.

 

من خلال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه لم يستطع السيطرة على الأمور بشكل كامل في مصر، وخاصة بعد وقعة صفين، وبعد خروج الخوارج على الإمام علي رضي الله عنه، وبدأت تقوى شوكة مَن هم على رأي معاوية، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما من وجوب أخذ الثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه قبل مبايعة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا لأن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان صغير السن، فلم يكن عمره يتجاوز سته وعشرين سنة عندما تولى الأمور في مصر، وأن تولية محمد بن أبي بكر رضي الله عنهما لأمر مصر أثار حفيظة هؤلاء الذين يرون وجوب قتل من قتل الخليفة عثمان رضي الله عنه أولا قبل المبايعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى