مقال

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

معركة الجمل هي معركة وقعت في البصرة، في اليوم الثالث عشر من شهر جمادى الأول الموافق ستة وثلاثون من الهجرة بين قوات أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب والجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام بالإضافة إلى أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهم أجمعين، والتي قيل أنها ذهبت مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل، وسميت المعركة بالجمل نسبة إلى هذا الجمل وكان سبب المعركة هو تأخر أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه في القصاص من قتلة سلفه، أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ومعظم الناس، وخاصة كبار الصحابة، وهم أهل الحل والعقد، هم الذين بايعوا علي رضي الله عنه، ومنهم أيضا طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضي الله عنه اللذين كانا يطالبان بدم الخليفة الراشد عثمان بن عفان.

 

أولا قد بايعا، وبايع أيضا أهل الفتنة، ومبايعتهم في هذا الإطار لا تقدم، ولا تؤخر بعد مبايعة أهل الحل والعقد من الصحابة، ولكن ما حدث أن الرؤى توافقت في هذا التوقيت، فقد كان أهل الفتنة يريدون تولية علي رضي الله عنه، وكان يريد ذلك أيضا جميع أهل المدينة، ولم يعترض أحد على تولية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لم يكن يعترض مطلقا على تولية الإمام علي رضي الله عنه، ولكن كان الاختلاف في ترتيب الأولويات، فمعاوية رضي الله عنه يريد القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه، والإمام علي رضي الله عنه يريد استقرار الدولة أولا، ثم يرى رأيه في أهل الفتنة، ويقتل منهم من يستحق القتل، ويعزر من يستحق التعزير بعد أن تقوى شوكة المسلمين، وتزول الفتن القائمة، والكل إذن على اتفاق.

 

على تولية الإمام علي رضي الله عنه، ونذكر في هذا الإطار أن الإمام علي رضي الله عنه كان مرشحا للخلافة مع عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولم يعدل أهل المدينة به، وبعثمان رضي الله عنهما أحدا، ولكن كان هناك إجماع على تولية عثمان رضي الله عنه في ذلك التوقيت، فمن الطبيعي أن يتولى الإمام علي رضي الله عنه الإمارة بعد عثمان رضي الله عنه، خاصة بعد أن أجمع أهل الحل والعقد على توليته، وفى هذه الواقعه وهى مقتل عثمان رضى الله عنه، كان يجب أن يتم اختيار الخليفة ومبايعته أهم بكثير من قتل قتلة عثمان رضي الله عنه، وذلك لأن البلاد لا تسير دون خليفة، أو أمير، فكيف يتم قتل هؤلاء القتلة ومن المتوقع حدوث حرب ضارية وكبيرة على مستوى الدولة الإسلامية كلها؟ ورأينا كيف تم قتل ستمائة من المسلمين في البصرة وحدها.

 

فكيف لو كان الأمر في غيرها من البلاد أيضا؟ ثم إنه إذا حدثت الحرب، وحدث القتال مع أهل الفتنة، فمن بيده أن يصدر قرارا باستمرار الحرب أو وقفها، هل هو الإمام علي بن أبي طالب أم الصحابي معاوية بن أبي سفيان أم السيدة عائشة رضي الله عنها أم طلحة أم الزبير رضي الله عنهم جميعا؟ ثم إذا حدث أن دولة معادية للدولة الإسلامية استغلت نشوب القتال بين المسلمين وأهل الفتنة في الداخل، وهاجموا الدولة الإسلامية، فمن بيده القرار حينئذ؟ وهل يتم وقف الحرب مع أهل الفتنة، وقتال المهاجمين من الخارج، أم يقاتلوا في الجبهتين داخليا وخارجيا؟ ومن الذي يستطيع أن يأخذ هذا القرار ولا يوجد خليفة للمسلمين؟ لا شك أن الأمر سيكون في منتهى الخطورة، ثم إنه عند تعارض مصلحتين تقدم الأكثر أهمية فيهما، وتؤخر الأخرى لوقتها.

 

وإذا تحتم حدوث أحد الضررين تم العمل بأخفهما ضررا تفاديا لأعظمهما، وفي تلك الفترة حدث أمر عظيم كان من الممكن أن يودي بالدولة الإسلامية كلها ولكن الله سلم، رأى قسطنطين ملك الدولة الرومانية ما عليه حال الدولة الإسلامية بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجمع السفن وأتى من البحر متوجها إلى الشام للهجوم على الدولة الإسلامية، وبينما هو في الطريق إلى المسلمين، وكانت الهلكة محققة للمسلمين إن وصل إليهم نظرا لما هم عليه من الفتن والحروب بينهم وبين بعضهم، ولكن الله تعالى بفضله ومنّه وكرمه أرسل على تلك السفن قاصفا من الريح، فغرق أكثر هذه السفن قبل الوصول إلى الشام، وعاد من نجا منهم، ومعهم قسطنطين إلى صقلية، واجتمع عليه الأعوان، والأمراء، والوزراء، وقالوا له أنت قتلت جيوشنا، فقتلوه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى