مقال

كورونا وإدارة العلاقة مع الخالق …

كورونا وإدارة العلاقة مع الخالق …

 

بقلم د/مصطفى النجار

 

يدير العنصر البشرى علاقاته الوظيفية بما يحقق أهدافه ورغباته فى الترقى وزيادة ما يحصل عليه من تعويضات ، فتشير إدارة العلاقات لتخطيط وتنظيم وتوجيه العلاقات والرقابة عليها وتطويرها لإنجاز الأهداف.

 

فجودة ادائك وحسن اتصالك برئيسك وزملائك و مرؤسيك والتزامك بقيم ولوائح المنظمة لون من إدارة العلاقات لإنجاز أهدافك ، كذلك اعترافك عند التقصير وتعهدك بعدم التكرار

 

وإذا كان حسن إدارتك لعلاقاتك ضرورة لتحقيق أهدافك الوظيفية ، فكذلك ولله المثل الأعلى فإن حسن إدارتك للعلاقة مع الخالق سبحانه بحمده وتقديس جلاله والتزامك بما وضعه من أخلاق وقيم فى تعاملاتك مع الخلق ضرورة لتحقيق هدفك وغايتك بالنجاة من بطشه والفوز برضاه ورضوانه بما يسعد دنياك و أخرتك

 

ولنا فى سبأ عبرة وآية ، فقد اسبغ الخالق نعمه عليهم ، جنان عذبة المياه وارفة الظلال نضرة الأشجار يانعة الثمار ، يكفى أحدهم وعاء على رأسه عند نزهته بالجنان فيمتلىء بأطيب الثمر ما يفيض عن حاجته دون عناء ” كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ” (سبأ-15) ، ما طلب منهم المنعم غير الشكر بعد الأكل ليبقى لهم النعم ، فاعرضوا عن المنعم قطعا للعلاقة وجحودا ونكرانا فأرسل سيل العرم عقابا ، فدمر جنانا ونعما لم يحافظوا عليها شاكرين ليبكوها نادمين ، وابدلهم المنعم على رحمته بأطيب الثمار أشواكا ومرارات وما ظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون.

 

وما صاحب جنتى الكهف منا ببعيد ، أساء العلاقة مع الخالق وخلقه فتفاخر كبرا على صاحبه لجنان ومال وهبه المنعم له ” انا اكثر منك مالا وأعز نفرا ” (الكهف-34) ، ودله صاحبه على ما يديم النعمة ” ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ” (الكهف-39) ، لكن كبره أعماه فأحنى الله ظهره و أصبح يقلب كفيه ندما وحسرة على جنان خوت على عروشها بإساءته العلاقة مع الخالق وخلقه.

 

وحين اتامل وثائق الأمم المتحدة عن معدلات الجريمة أشعر ان لدى البعض منا ما يوجب وقفة مع النفس للمراجعة والحساب ، ليصلح العلاقة مع الخالق سبحانه بالعودة اليه متحليا بكل فضيلة متخليا عن كل رزيلة ، ومفارقا للآثام كلها فلا بطر ولا كبر ولا غرور ولا نفاق ولا رشوة.

فما فيروس كورونا ذاك الذى يتحور كشيطان لئيم إلا ثمار شوك وكؤوس مرارة عاقبنا الرحيم بها حين أكل بعضنا خيره ونسى شكره ، وتحلل من الالتزام بقيمه وأخلاقه مع الخلق ، ” وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون” (النحل-112) وكأنها نزلت الآن لتشخص الداء وتصف الدواء

 

فلتصلح العلاقة مع الخالق والخلق على حد سواء ليتفضل الرحيم الودود برفع البلاء ، لنفارق المظالم و الآثام كلها ، ولنعد اليه فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة ، لنعد اليه فعلى جلاله وغناه عنا يفرح بتوبتنا ويتلقانا من بعيد ، فإذا اقتربنا من القدوس باعا اقترب منا ذراعا وهو الغنى الكبير المتعال سبحانه تقدست أسماؤه تعالت صفاته

 

اللهم خذ بأيدينا والإنسانية اليك أخذ الكرام عليك ، وارفع البلاء بفضلك يا أرحم الراحمين ، وكل عام وحضراتكم بخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى