بين البطولات الكاذبة والاستعداد الصادق… مصر وحدها تُعدّ للمعركة الفاصلة
بقلم : د . هاني المصري
———————————
الحرب الهزلية من المستفيد حقًا؟
إسرائيل والولايات المتحدة
الهدف الظاهري: إضعاف البرنامج النووي الإيراني، كما زعمت واشنطن بعد الضربات الجوية التي استهدفت مواقع نووية في إيران، مثل فورْدو وناتنز، وأثّرت على البرنامج لعدة أشهر
إسرائيل حقّقت أهدافًا استراتيجية بعد استنزاف منظومات الصواريخ الإيرانية، وفق تقييم المخابرات الإسرائيلية .
الجهات الوسطية والداعية للدبلوماسية
دول مثل قطر ومصر؟ وسّعت دورها كوسيط لتحقيق الهدنة، ما رفع من مكانتها الإقليمية كدول محايدة قادرة على تسيير مفاوضات .
اقتصاديًا
أسواق المال العالمية وقطاعات النفط شهدت “تطبيعًا” مؤقتًا في الأسعار بسبب تهدئة التوترات ، لكن هذه المكاسب هشّة وتخضع لأي تصعيد.
تأثيرها على مصر
ممر التجارة وقناة السويس
تصعيد الصراع أعاد إحياء هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على النقل البحري في البحر الأحمر، مما خفّض إيرادات قناة السويس بنسبة تقارب 40٪ وفق أرقام أولية .
هذه الضربة الاقتصادية تعتبر أزمة حادة لمصر، خاصة مع دخولها في معركة اقتصادية ناجمة عن انخفاض العملات الأجنبية وارتفاع التحديات المالية.
الأمن المتصاعد على الحدود
احتمالات تدفّق آلاف اللاجئين من غزة إلى سيناء تُعد كابوسًا أمنيًا للاقتصاد والمجتمع: ستزيد الضغوط على الموارد، وتلقي بعبء إضافي على البنية التحتية والمواطنين .
الدبلوماسية المصرية
تحوّلت إلى جهة فاعلة رسميًا ودبلوماسيًا، بمتابعة وتنسيق للتواصل مع واشنطن وواشنطن وطهران لتثبيت الهدنة وتبني خيار التهدئة بدلاً من التصعيد .
الفرص الجيو‑اقتصادية
في ظلضعف المنافسين الخليجيين أو الإيرانيين، يرى بعض المحللين أن مصر قد تستفيد من تداعيات الصراع لتعزيز موقعها الإقليمي، والاختباء خلف خطاب الوساطة وتحسين علاقاتها الاقتصادية .
التأثير على الشرق الأوسط عمومًا
اقتصاديًا:
سلاسل النقل والطاقة تعطلت، وارتفعت أسعار التأمين، واتجه عدد من الشركات إلى تجنّب قناة السويس، الأمر الذي أدى لارتفاع أسعار الشحن بمعدلات وصلت إلى 10‑14 يوماً إضافية للرحلات .
حسب “موديز”، لو استمر صراع شامل فستتدهور الثقة الاستثمارية وستبطئ عجلات النمو في العديد من دول المنطقة، لا سيما مصر والأردن .
سياسيًا وأمنيًا:
تخفيف الدعم الخليجي لاحقًا يخلق فجوة هائلة، ونتيجة للرد الإيراني على الاغتيالات أو الضربات؛ يخشى أن تدخل دول مثل العراق ولبنان واليمن بصراعات فرعية .
دول لديها مقاومات ضدية مثل الأردن تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين دعمها لمصلحتها الأمنية والضغط الشعبي المناهض للحرب .
دبلوماسيًا:
التغير في المواقف الخليجية – من إدانة إيران إلى التحذير من خطورة الحرب – يشير إلى تحول واضح في الحسابات الاستراتيجية
الفرصة أمام الدول مثل مصر وقطر لقيادة جهود تشادّدية تجاه تهدئة التوتر، وتحويل الصراع إلى محادثات نووية واجتماعية.
الخلاصة
الجهات المستفيدة: إسرائيل والولايات المتحدة بحسابات أمنية وسياسية، مع تصاعد يد الوسطاء الإقليميين مثل مصر وقطر.
لماذا مصر؟ تدخلات الحوثيين والضغوط الاقتصادية والتهديدات على الحدود جعلت منها معنيًا أساسيًا، لكنها في أحيان كثيرة مستفيدة من دور الوسيط.
لكل الشرق الأوسط: أصبحت المنطقة على شفا تحول جيوسياسي واقتصادي، حيث تصبح السلامية عبر الدبلوماسية خيارًا تجاريًا وأمنيًا حتمياً.
وختاماً
في زمنٍ تتعاظم فيه التهديدات وتتقاطع فيه النيران في قلب الشرق الأوسط، تبرز مصر كصخرةٍ صلبة في بحر متلاطم. ما قامت به الدولة المصرية من إعادة بناء قدراتها العسكرية وتحديث جيشها الوطني لم يكن ترفًا ولا مظهرًا استعراضيًا، بل كان إدراكًا عميقًا لحتمية الصدام القادم مع كيان غاصب لا يعرف إلا منطق القوة ولا يحترم إلا من يُعدّ للقتال كما ينبغي.
إن تسليح الجيش المصري وتطوير عقيدته القتالية وتموضعه الاستراتيجي لم يكن فقط لحماية حدود الوطن، بل لتهيئة الأرض لمعركة الكرامة، التي قد تفرضها الضرورة التاريخية والعدالة المؤجلة. فتقوية الدولة المصرية، سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، هو الرد الحقيقي على مشروع الهيمنة الصهيوني – ليس بالشعارات، بل بالجاهزية.
لقد أثبتت مصر أنها لا تُبنى بالأماني ولا تُحمى بالخطب، بل تُصان بالاستعداد والتخطيط، وبقادة يفكرون بعين على الأرض وأخرى على المصير. وإذا ما جاءت اللحظة الحاسمة، فلن تكون مصر رقمًا تابعًا في معادلة الإقليم، بل قطبًا يحدد اتجاه البوصلة ويقود المواجهة نحو استعادة الحق وردع العدوان.
فمن لا يُعِدُّ نفسه للمعركة، سيُجبَر على خوضها بشروط أعدائه. ومصر، كما يبدو، اختارت أن تكتب شروطها بمداد القوة والسيادة.