أشلاء مبعثرة
في الصباح الباكر
نستيقظ من فراشنا الحجري منهلكين
متعبين
فنهجر رحلة العذاب في ليلنا بأحلامنا التي
دونت إنكسارها الطويل
ففي كل صباح يتبدل الأحوال و ينحسر
الأماني في الحجر و يتغير شكلنا و
شكل الإحتمالات
فتأتي الأشياء كلها إلينا متقلبة و متبدلة
بشكلها و بمقامها الساقط أمام الريح
فيرحل الليل بغموضه الكحلي لزمن لا حلم
فيه بأحلامنا المكسرة
و نحن كما الحجر نراقب كلما زاد التمعن
برحلة البحث عن ساحةٍ تحمل
أسمائنا
نحلم و كم نحلم بدربٍ أن يأخذنا من جحيمنا
و من الجهد الإضافي في العذاب
الذي أرهقنا لسنين
نحلم أن يأخذنا الدرب إلى معجزة النسيان
فننسى هناك ما يمنع وصولنا لمبتغانا و ما
خسرناه من حياة
ثم يأتي مع الفجر المريض صباحنا المهزوم
ليخبرنا بقدومه و بأنه مازال حياً
بالأيام
كي يشهد على حالنا الواقعي و اللاوقعي
و يرتب لنا هذا الهواء
كم خسرنا من ليالي سدى و كم أجهدتنا
مرابع اليأس بأرض الحرمان
فحياتنا مصيبتنا هي لغزٌ تحيرنا بإعتبارات
كل الأزمنة
و نحن لا نملك من حياتنا البسيطة حتى
البسيط من الأجوبة الممكنة
فحياتنا هي عبءٌ على الرسام المعتوه بالجنون
و على المؤرخ البديع
فلسفتنا نباحٌ بطول الليال الضجر و كل الدوايين
تنذر بالخطر و بإنفجارنا بوجه
السماء بالكلمات
فلا ألوان لحياتنا المعدومة بالحياة فهي كما
ظلنا الطويل الرمادي مستسلمة
للسقوط
و حياتنا هي فجوة الأمل و التخاذل بيننا و
بين ما كان و ما سيكون غداً
فهي صنيعة اللعنات و النصيب فنكبر حيناً
صاغرين في الوهم و السراب
و نموت من الدهشة حيناً صاغرين حين
يؤرقنا وجع الحنين في الغياب
خلف الذكريات
فكل الأشياء فينا التي تكسرنا هي لا جسد
لها و لا معنى لها و ليس لها خاتمة
متوازية بفقدان الأمل
فكيف سنعبر بخلاصنا ليومنا البريء من هناك
إلى هناك و نحن معافين من الخيبة
تماماً
و العناوين كلها تبقى عناوين جحيمنا البدهية
فتنتقم منا و هي أبديتنا الملعونة
تلك القاتلة
فماذا و ماذا الآن ينقصنا لكي نعيش كما البشر
الآخرين يعيشون سالمين من كل سوء
و ماذا ينقصنا على دروب الحياة لنرمي من
أرواحنا المقتولة هلاكنا البعيد
فنستريح
تمضي هكذا الأيام و هي تدلك بأوجاعنا خلاصة
الكلام و الكلام هو سلاحنا الأخير على
حدود النهايات
قريةٌ صغيرة يابسة معزولةٌ عن الحياة عند
منحدرات التلال
و أولادٌ صغار يلعبون من الفراغ بالكرة
على التراب حافيين
الأقدام
فوق الجبل قطيعٌ من الأغنام و الماعز تمشي
على السفح الأخير
يقودها راعيٍ عجوز ترك كل شيء ورائه في
القرية و صار بطريق ترابي يطول حتى
آخر النظر
و من خلف ستار الليالي و على ضوء
الحكايات
نساءٍ تغني مع بعضهن أغنية الأمهات و الزمن
السعيد تطرزنَ الوقت بالمسافة
و هنَ يعزفنَ معاً لحن الخلود في طريق
الذهاب إلى الحقل
فتاةٍ تبلغ من العمر العشرين تجلس لوحدها فوق
صخرة تعلو الطريق تتسلى بجدائلها
و هي تراجع بحزنها ذكريات الحب الماضي
و حلمها المكسور بالزواج
فلو كنت هناك أصغر لقرأت لها قصيدتي
عن صرخة الروح
و لو كنت هناك أكبر سنً لعلمتها طريقة الغزل
بزمن العاطفة لقبلتها حتى تنسى
إنهيارها الجارح
و من البعيد صوت كلابٍ تنبح و تعوي من
بعيد على الدخلاء
أشياءٍ تذهب منا بلا أثر و أشياءٌ أخرى تلد
بضجيج الصمت يغازل ضجر
المتكأين
إمرأة تصنع خبز الساج بجانب بيتها و توقد
بالنار و لا تفكر بشكل المستحيل
بغلٌ بظل التوت هناك يمدغ بقايا ظله
و ينعى ذاته بالشرود الطويل
ليملك معنى حياته و يشعر بأنه واحدٌ من
كائنات الآلهة الحية
و أنا أنا كعادتي لوحدي في المحطة أنتظر
القطار المسافر من حاضري
إلى حكاياتي
فكم مضى على الزمن في الإنتظار كي
أودع ذاتي القديم و أرجع لبيتي
قد جاء القطار حزيناً و سافر القطار معي حزيناً
فودعت نفسي لأكثر من مرةٍ فتهت عن
نفسي و لم أجدني
ثم جاء القطار باكياً و أجهش معي في زحمة
البكاء
ثم سافر القطار باكياً بدوني فقلت … ؟
لقد خانتني مجدداً ذاكرتي فنسيت موعداً
آخر في محطتي الخالية
فعدت إلى البيت بخيبتي أتضارب بجسدي
يميناً و شمالاً كالسكير فاقداً
للوعي
رجعت لكل محتويات الفراغ أهزي خرفاً
بالكلام
فتحت الباب بهدوء و إعتذرت من نفسي بخجل
قد نسيتك فإدخل
دخلت بقدمٍ ثقيل و أنا لا أقوى أن أرفع
قدمي لأكثر من شبرٍ واحد
وقفت لثواني لأراجع أجزائي المبعثرة و قلت
ألا يكفي لهذا الهذايان و هذه
الثرثرة
صفنت بذاتي و نظرت إلى المرآة وجدت شخصاً
غريباً لعنته الأيام يحدق بي
تسألت مراراً و تكراراً من هذا هو الشخص
الغريب
فردَ بصوت القارئ للحقيقة و هو يدرك كيف
يرتب الحروف في الكلام
قال أنا هو أنت و أنت هو أناياي المنفي بداخلي
فلا تكسرني ثانيةً إن تجاهلتني
قلت له إذاً من سافر بالقطار هناك و ودعني
بأبياتٍ من الشعر القديم إن كنت أنت
أنا ….. !
من تجلى بصورتي هناك و انكسر باكياً في
الرحيل بصور الذكريات
ثم تنهد بنفس مطبق و بضيق شديد هو
آخري الشخصي الشريد
ثم أكمل حديثه القصير معي و قال لي لما رجعت
من سفري هناك دوني أفلا تغفر لي
فمن غيري هو من يتكلم مع الحجر و يلعن
ذاته المكسور لا أحد
من غيري يسلك طريق الساهرين الوحيد
في تلك الليالي المستوحشة لا
أحد
ثم قال لي هل أقتلك ثانيةً بحماقتي يا أناياي
بذات الوجع
كي أرتاح منك و من زمنك الكاسر و من الذين
طعونك لألف سنة
فكم سنةٍ أخرى لندرك ما فينا من
الحقيقة
فهل كانت ثلاثين عاماً لا يكفي لتشعر بتلك
الطعنات فترجع للوراء
هل أرحل عنك و أنجو بنفسي بجسد القصيدة
هناك و أتكل على قافيتي المنقوصة و على
البسيط من الكلام
أم أتجاهل موتك الأبدي بموتي المبكر و أمضي
بحصاني الطيني المشبع بالأحزان
لذات المقبرة
فهل نكرر نفس الوقت و نفس الحكاية
بالمسخرة
أم نعلو فوق الريح غيماً و نجعل كوكب الأرض
بأيدي الكلاب كمستعمرة
قلت ما الفائدة يا أناياي المهزوم لقد تشرزم
المصير عن القاعدة
فمات العمر مكتئباً و تلاشى الروح في ساحةٍ
تعج بالأموات الأحياء المعمرة
و قد سافر قطار الحياة منا متعرجاً كأفعى
الصحراء بالراحلين
و تركتنا ننزف بجراحنا مخمورين في الهلاك
على دروب القلوب المتحجرة
و نحن نحن كالأموات فلا نجاة لنا هاهنا
فلم نعد نحتمل مرَ الإنتظار كي نمضي
للسلامة المبتكرة
فها نحن كتوأمين نتألم معاً من وجع الحياة
و نتعارك كاكلاب أنا و أنت
كالغرباء نتخاصم قهراً على حصتك و حصتي
من العذاب
فإن قتلتني فكن شاهداً على موتي البعيد
و أنا إن طعنتك بالخاصرة و قتلتك
فسأشهد على دروب الملح المكسر على
من تسلى بجرحي
لكن ما الفائدة من قتلنا معاً مادمنا نرتعش بالهلاك
و نموت في قيامتنا منكسرين
بقصة حياةٍ مليئةٍ بالطعنات و بالنكسات
إنه قصة شهدين بريئين ماتا بأحداث قاسية
لا ذنب لهما
هي القصيدة وحدها ستحمل الأسماء و كل
الصفات الغائبين معنا
و القصيدة ليس لها الإيديولوجيا لكي نلومها و
نلعن بترتيبها فنضربها بألف
جدار
فالقصيدة فقط بقيت تلخص للعمر المكسور
نعوة موتنا الأخير
بكلماتٍ محتضرة و مختصرة من خيال الوحي
بعالية الوتيرة
كلها تلخص حياة العذاب الشاقة للشاعرنا البريء
المحنك ابن حنيفة العفريني
كلمات كتبت بشكل جميل و قبيح بذات الوقت
لكنها بقيت لغزٌ تحير العلماء و كل
المفكرين
فكأنها تقصد هلاكنا المميت فمازالت تستبيح
بجسد القصيدة بالمعنى
فتغز عقولنا و قلوبنا بلغة المجانين و كل
حروفها دامت مشفرة
ابن حنيفة العفريني
مصطفى محمد كبار ٢٠٢٥/٦/١٩
حلب سوريا
أقرأ التالي
منذ 30 دقيقة
أجرى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً اليوم بالرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان
منذ 3 ساعات
محاميان يكشفان تزوير طارق ريحان في قضية استيلاء على أراضي ورثة د. عبد المجيد البيلي
منذ 3 ساعات
اخبار_النادي_الاهلي 🦅 الحصاد الرياضي ⚽
منذ 3 ساعات
بمناسبة ذكرى التأسيس ..أحمد باعبود: نضطلع بمسؤولية كبيرة للحفاظ على وحدة الصف العربي
منذ 4 ساعات
حبس شقيق الممثل عماد زيادة 3 سنوات وكفالة 15 مليون جنيه لإصداره شيك بدون رصيد لصالح شركة حبوب أمريكية
منذ 4 ساعات
*استجابة لرغبة جمهوره.. حسام حبيب يطرح نسخة معدلة من «سيبتك»
منذ 4 ساعات
ناجى الشهابي: الصراع بين إيران وإسرائيل يكشف هشاشة الكيان الصهيوني ويعزز الدور المصري القيادي في حماية الأمن القومي العربي
منذ 4 ساعات
دانا حمدان تنضم لفريق عمل «صقر وكناريا» بطولة محمد إمام وشيكو
منذ 4 ساعات
تأثيرات الحرب تتوسع..
منذ 4 ساعات
عائشة عطية تتألق في عرض “حواديت” بقيادة المخرج الكبير خالد جلال
زر الذهاب إلى الأعلى