مقال

وأحسن إلي جارك تكن مؤمنا

جريدة الأضواء المصرية

وأحسن إلي جارك تكن مؤمنا 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله الخافض الرافع نحمده أن أنزل القرآن على الناس يتلى وأذهب به عن الأرواح المواجع، يا ربنا لك الحمد على كل حال وواقع، اللهم إنا نشهدك على أنفسنا بأننا نشهد بأنك أنت الله رب كل شيء ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، محمد عبدك ورسولك، اللهم صل وسلم وبارك عليه واجعل له صلاتنا وديعة يا من لا تضيع عنده الودائع، وبعد عباد الله اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد إن من وصايا النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم هو قوله ” وأحسن إلي جارك تكن مؤمنا ” فحث الإسلام على الإحسان إلى جميع الجيران وجعل ذلك ودليلا على صدق الإيمان، ولقد عظم الإسلام حق الجار، وأوصى الله تعالى في القرآن الكريم بالإحسان إليه فقال تعالي ” واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب والصاحب بالجنب ” 

والمقصود بالجار ذي القربى فهو يعني الجار القريب، والجار الجنب وهو يعني الجار البعيد الأجنبي منك، وقال أهل العلم والجيران ثلاثة، وهم جار قريب مسلم، فله حق الجوار والقرابة والإسلام، وجار مسلم غريب قريب، فله حق الجوار والإسلام، وجار كافر فله حق الجوار، وإن كان قريبا فله حق القرابة أيضا، فهؤلاء الجيران لهم حقوق وهي حقوق واجبة وحقوق يجب تركها، وظل جبريل عليه السلام يوصي النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظن النبي أن الشرع سيأتي بتوريث الجار، حيث قال صلى الله عليه وسلم ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه ” وفي هذه الوصية جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان إلى الجار من علامات الايمان فقال صلى الله عليه وسلم ” أحسن إلي جارك تكن مؤمنا ” 

بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم ” والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه” رواه مسلم، والذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله تعالي، حيث قال صلى الله عليه وسلم ” خير الأصحاب عند الله خير لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ” ولا شك أن الجار له حقوق كثيرة، ومن أهم هذه الحقوق، هو رد السلام وإجابة الدعوة، وهذه وإن كانت من الحقوق العامة للمسلمين بعضهم على بعض، إلا أنها تتأكد في حق الجيران لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة والمودة، وكما أن من حقوق الجار هو كف الأذى عنه، وهو من أعظم حقوق الجيران، والأذى وإن كان حراما بصفة عامة فإن حرمته تشتد إذا كان متوجها إلى الجار.

فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار أشد التحذير، حيث قال صلى الله عليه وسلم ” لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقة ” بل إن من يؤذي جيرانه يستحق لعنة الله تعالي قبل لعنة الناس، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ فقال ” أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت ثم أي؟ قال أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، قلت ثم أي؟ قال أن تزاني حليلة جارك ” رواه البخاري ومسلم، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لأن يسرق من أهل عشرة أبيات أيسر من أن يسرق من بيت جاره ” رواه أحمد، وكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حق الجار أن تبسط له معروفك، وتكف عنه أذاك، وكما قال الإمام علي للعباس رضي الله عنهما ما بقي من كرم أخلافك؟ قال “الأفضال على الإخوان، وترك أذى الجيران”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى