أدب

كُنْ معلِّمًا مُيسِّرًا..

خواطر أديبة

اقرأ في هذا المقال
  • خواطر الكاتب الكبير الأستاذ/ محمد ربيع الشافعي

لا تعطيني سمكة بل علمني كيف اصطاد.. 

(مثل صيني) 

بقلم

الأستاذ/ محمد ربيع الشافعي


تخيل أن تظل تحت رحمة أحدهم لكي تسطيع 

تلبية أبسط مقومات الحياة و هو ايجاد قوت يومك

كل يوم تنتظر رحمة هذا الشخص ليعطف عليك و يطعمك. 

ستربط حياتك به إذا مرض فأنت عاجز و إذا امتنع 

فأنت تهدر القدر الكثير من كرامتك ليحسن لك ستكون

مجرد شحات لا قدرة على اطعام نفسك و لا كرامة

 و إنسان ضعيف جداً و يستحيل الاعتماد عليه 

عاجز و عالة و أبسط الأمور سوف تهزمك بسهولة

و إذا رحل ستودع معه عزيمتك و كبريائك و إذا 

مات فأنت دفين جهلك و عجزك و عوزك و ذلك. 

ياله من معلم غير مكترث و أناني من يتخذ الطريقة السهلة لتنجح دونما اجتهاد منك و يبقيك عاجزًا يجعلك لا تعرف كيف تنجح… يريدك أن تترجاه لتحقق النجاح يعملك جيداً فقط كيف تكون معاقاً فكرياً و علميا و حياتياً.. 

سيعلمك فقط أنك عالة على الأخرين لا تمتلك أبسط مقومات النجاح… 

صحيح أنه جعلك لا تتعب و لكنه صنع منك شخصاً

لا يعتمد على نفسه و لا يستطيع أن يخطو خطوة

دون طلب المساعدة شخص يفتقر للتميز و الإبداع 

لقد سلبك تعلم المهارات اللازمة لتحيا حياةً كريمة 

بجهدك و تعبك و كدك أنت و ليس بتسول النجاح… 

علمني جيداً كيف اصطاد؟ 

كيف أقاتل لأهزم الصعوبات؟ 

كيف أستطيع المضي كرامةً في هذه الحياة؟ 

كيف أنجح بمجهودي واجتهادي؟ 

كيف أحقق أحلامي و لا أكون عالة؟ 

كيف أكون معتزا و معتدا بذاتي؟ 

كيف أكون مصدر فخرٍ لأهلي و مجتمعي و وطني؟ 

كيف أكون أنا من يُقدم المساعدة لا من يطلبها؟ 

علمني كيف انتصر و ليس كيف اختبئ عندما تواجهني 

صعوبة فهذه الحياة تحديات القوي فقط من سيستمر بها و يغلبها و الضعيف أمام أول تحدٍ سيستسلم و ينهار

و ينهزم غير مأسوفٍ عليه أو سيصيح ساعدوني 

فأنا غير قادر على مجابهة أي شيء و قد اعتدت دوماً


أن أبحث عن المساعدة… 

المعلمون مثل الأباء ؛ يعلمون ابنائهم على معاركة الحياة ليشتد عوده و كيفة تجاوز التحديات والتغلب على الصعوبات

ليصقلوا رجلاً هو مستقبل عزتهم و فخرهم و نماء و رخاء المجتمع و الوطن.. 

لتكون مخرجات التعلم قوية و فاعلة للرقي بالأوطان

و هذه رؤية مملكتنا و قيادتها الرشيدة… 

خلق الله آدم و ميزه عن بقية الخلق أن علمه رغم أنه في الجنة و هو العليم الخبير.. 

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)

ما أجمل أن يُنتفع بعلمك و لا ينقطع فضلك بعد مماتك 

كن معلماً ميسراً لهم المعلومة و المهارة محفزًا ليجتهدوا

و يبدعوا ملهماً ليعتمدوا على أنفسهم و يحققوا النجاح

باجتهادهم و جهدهم.. 

يقول أحمد شوقي

وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي 

وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا

وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ

 إذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا

و أنت علمتهم فقط التمني و استبعدت من هممهم تؤخذ الدنيا غلابا، حذفت من قاموسهم الإقدام فاستعصى عليهم كل شيء و استحال عليهم كل منال و مرام… 

علمهم كيف يصطادوا السمك كيف يكونوا صيادون ماهرون لا يخشون موجاً عازمين على أخذ قوتهم في أحلك الشدائد لا تعطيهم سمكة كل يوم و هم لم يشاهدوا البحر لم يركبوا قارباً لم يصنعوا شبكة لم يصبروا و يتجلدوا .. 

أنت راحلٌ عنهم في يوم من الأيام و سيكتشفون أنك فقط فقط علمتهم عدم الاعتماد على النفس و تسول النجاح…

أنت لم تكن معلماً بل مُسَكِّنُ طموح و مخدر همم و مثبط عزيمة، سلبتهم حقهم في تكوين شخصية عصامية يُعتمد عليها قادرة على هزيمة التحديات و حولتهم لذواتٍ ضعيفة و معاقين علمياً و فكرياً و اجتماعياً غير قادرين على النجاح و الانتصار في الحياة… 

سيأتي اليوم الذي لن يحصلوا فيه على السمك سيقفون أمام البحر الذي يخافونه سيخشون ركوب القارب لن يعرفوا كيف يصنعون شبكة أو سنارة سيضطرون ليس للتعلم بل للشيء الذي يجيدونه و هو التسول من كل صيادٍ تعلم الصيد قائلين

سمكة لله يا محسنين.. 

لم تكن الصين لتتربع على عرش الصناعات العالمي و تنتزع هذه المكانة المرموقة في التقدم الصناعي و الريادي و الملهم لو أعطت كل طالب سمكة.. عزيزي المعلم.. 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى