الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد لقد حذرنا الإسلام من التكفير والأمور التي تخرجنا علي الملة وعن الدين، وقال الإمام المجدد مؤكدا ضابط عدم قيام الحجة على الجاهل ” كيف تشكون في هذا وقد وضحت لكم مرارا أن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام أو الذي نشأ ببادية بعيدة” إذن فالشيخ وتلاميذه وأئمة الدعوة وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه ومن سبقهم من السلف جادتهم واحدة واضحة جلية فمن رام غير جادتهم فلا ينتسب لهم ولا ينسبهم إلى رأيه، فمن موانع التكفير عندهم هو حديث العهد بالإسلام.
ومن نشأ بمكان بعيد عن المسلمين، ومن نشأ في أمكنة أو أزمنة عمّ فيها الجهل وإندرست فيها معالم الإسلام وآثار النبوة، وقال الإمام ابن باز رحمه الله “من يعذر بالجهل كالذي ينشأ في بادية بعيدة عن الإسلام في أطراف الدنيا، أو لأسباب أخرى كأهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الرسالة، فهؤلاء معذورون بجهلهم” ويرى بعض أهل العلم المعاصرين حمل كلام الشيخين ابن تيمية وابن القيم علي الفهم التام المفصل وهذا غير ظاهر، وقال المشايخ عبدالله بن عبداللطيف وإبراهيم بن عبداللطيف وسليمان بن سحمان ” وأما قوله عن الشيخ محمد أنه لا يكفر من كان على قبة الكوّاز ونحوه ولا يكفر الوثني حتى يدعوه وتبلغه الحجة فيقال نعم، فإن الشيخ محمدا رحمه الله لم يكفر الناس إبتداء إلا بعد قيام الحجة والدعوة.
لأنهم إذ ذاك في زمن فترة أو عدم علم بآثار الرسالة ولذلك قال “لجهلهم وعدم وجود من ينبههم” فأما إذا قامت عليهم الحجة فلا مانع من تكفيرهم وإن لم يفهموها، ولا يجادل في هذه المسألة ويشبّه بها إلا من غلّب جانب الهوى ومال إلى المطامع الدنيوية واشترى بآيات الله ثمنا قليلا” فكلام الإمام مستقيم ومضطرد ويصدق ويفسر بعضه بعضا ومن سبر مصنفاته واستقرأ كلامه وتتبع فتاويه إستبان له ذلك، ومن ذلك “فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل وقد يقولها وهو يظن أنها تقربه إلى الله” وقال الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في بيانه المكي المشهور ” هذا ما نحن عليه مخاطبين من له عقل وعلم وهو متصف بالإنصاف.
خال عن الميل إلى التعصب والإعتساف، ينظر إلى ما يقال، لا إلى من قال، وأما من شأنه لزوم مألوفه وعادته سواء كان حقا أم غير حق فقلد من قال الله فيهم كما جاء في سورة الزخرف “إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ” عبادته وجبلته أن يعرف الحق بالرجال لا الرجال بالحق، فلا نخاطبه وأمثاله إلا بالسيف حتى يستقيم أوده ويصح معوجه وجنود التوحيد بحمد الله منصورة وراياتهم بالسعد والإقبال منشورة حيث يقول تعالي كما جاء في سورة الشعراء “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون” وكما جاء في سورة المائدة “إن حزب الله هم الغالبون” وكما جاء في سورة الصافات “وإن جندنا لهم الغالبون” وكما جاء في سورة الروم “وكان حقا علينا نصر المؤمنين” وكما جاء في سورة الاعراف “والعاقبة