مقال

محاربة الفن و الابداع

جريدة الأضواء المصرية

محاربة الفن و الابداع 

كتب/ أيمن بحر 

إن صعوبة التعايش فى مجتمع يقاوم الأدب والفن والموسيقى بينما يتسامح مع التخلف والتطرف والإرهاب تعكس اختلالًا عميقا فى القيم والأولويات. فكيف يُرفض الجمال والإبداع ويُقبل بالكراهية والعنف؟  

الفنون هى لغة الروح جسر نحو الإنسانية تذكرنا بجمال الحياة وتعمق إحساسنا بالآخر. أما التطرف والتخلف فيُغلقان العقول ويقتلان الحوارَ ويجففان منابعَ التعاطف. عندما يُحارب المجتمع الإبداع ويترك الفكرَ المتشدّد ينتشر، فهو يخسرُ أكثر من مجرد ألحان أو كلمات— يخسرُ إنسانيته.  

لكن الأمل يبقى فى الأصوات التى تناضل من أجل التغيير فى المبدعين الذين يزرعون بذورَ التسامح وفى الشبابِ الذى يرفض أن يكونَ صدى للكراهية. التحدى كبير لكن التاريخ يعلمنا أن الأفكار المُتجددة تنتصرُ فى النهاية. ربما يحتاج الأمرُ إلى صبرٍ وشجاعة لكن كلَّ خطوةٍ نحو النورِ تُضعفُ ظلامَ التعصّب.  

لا يقاس تقدم الأمم بما تملك من قوة بل بما تحمله من جمال. محمود درويش

تحذير من محاربة الإبداع وانتشار الفكر المتشدد تحت شعار المحافظة على قيم المجتمع 

فى ظل التحديات الثقافية والفكرية التى تواجهها المجتمعات يبرز خطر تحويل المحافظة على القيم إلى ذريعة لقمع الإبداع وتكريس الفكر المتشدد. فالحفاظ على الهوية والأصالة لا يعنى الانغلاق أمام التجديد أو رفض كل شكل من أشكال التطور الفنى والأدبى والعلمى.  

أخطار محاربة الإبداع باسم القيم

1. تجميد العقلية المجتمعية : 

عندما يُختزل مفهوم حماية القيم فى رفض كل جديد يتعطّل التفكير النقدى والإبداعى مما يُنتج أجيالاً تفتقر إلى المرونة الفكرية والقدرة على التكيف مع مستجدات العصر.  

2. انتشار التطرف الفكرى : 

التشدد فى فرض رؤية واحدة باسم القيم يفتح الباب أمام الأفكار المتعصبة ويضعف التنوع الثقافى الذى يعد أساسًا لتقدم المجتمعات.  

3. تراجع الحضارى : 

التاريخ يُثبت أن الأمم التى ازدهرت هى تلك التى احتضنت الإبداع ووازنت بين الأصالة والابتكار. أما المجتمعات التى خافت من التجديد فقد وجدت نفسها على هامش الحضارة الإنسانية.  

كيف نحمى القيم دون كبح الإبداع؟

– التفريق بين الثابت والمتغير : 

هناك قيم جوهرية ثابتة (كالعدل الكرامة التسامح) وأخرى مرتبطة بسياقات اجتماعية متطورة يمكن إعادة النظر فيها.  

– الحوار بدل الإقصاء : 

بدلاً من منع الأفكار أو الأعمال الإبداعية يجب فتح حوار نقدى حولها وتوعية المجتمع بأدوات التفكير الناقد بدلاً من فرض وصاية فكرية.  

– تشجيع الإبداع الهادف : 

دعم المبدعين الذين يقدمون رؤى تثرِى الهوية دون تقليد أعمى أو قطع مع الجذور.  

الخوف المبالغ فيه من الإبداع يؤدى إلى مجتمعات جامدة، بينما الموازنة بين الأصالة والانفتاح تُنتج ثقافة حية قادرة على المنافسة العالمية. لنُدرك أن محاربة الإبداع باسم القيم قد تُفقدنا القيم نفسها حين تتحول إلى شماعة للتخوّف من المستقبل.  

الحضارة لا تبنى بالخوف من السقوط بل بالشجاعة فى المحاولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى