“الاقتصاد المصري بين التحديات والفرص: معاناة المواطن وأمل الإصلاح”
بقلم: محمود سعيد برغش
في ظل ما يشهده العالم من أزمات متلاحقة، يقف الاقتصاد المصري على مفترق طرق بين التحديات التي تكبّله والفرص التي قد تنقله إلى آفاق جديدة. فقد أصبح المواطن البسيط هو المتضرر الأول من موجات الغلاء المتتابعة، التي لم تترك جانبًا من جوانب الحياة اليومية إلا ونالت منه.
التضخم وارتفاع الأسعار
أصبحت جملة “الأسعار نار” واقعًا ملموسًا في كل بيت مصري. فأسعار السلع الغذائية والخدمات الأساسية تشهد زيادات غير مسبوقة، في ظل تضخم يرهق ميزانية الأسرة، خاصة تلك التي تعتمد على دخل ثابت لا يزيد رغم تسارع ارتفاع الأسعار. المواطن الآن يوازن بين أولويات الحياة: هل يدفع فاتورة الكهرباء أم يشتري مستلزمات الطعام؟ هل يرسل أبناءه للدروس أم يؤمّن مصروف البيت؟
أسباب الأزمة
لا يمكن فصل الأزمة الاقتصادية عن عوامل داخلية وخارجية. فمحليًا، ما زالت البيروقراطية وغياب الإنتاجية الكافية من أبرز العقبات، بالإضافة إلى اعتماد الدولة الكبير على الاستيراد، بدلًا من تعزيز التصنيع المحلي. أما خارجيًا، فالحرب في أوكرانيا، والتغيرات في أسعار النفط، وأزمة سلاسل الإمداد أثّرت جميعها على الوضع الاقتصادي المصري بشكل مباشر.
الديْن الخارجي وعجز الموازنة
تفاقم الديْن الخارجي للدولة خلق عبئًا إضافيًا على الاقتصاد، وأدى إلى تآكل الاحتياطي النقدي وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، مما أثر على جميع مناحي الحياة، وقلّل من قدرة الدولة على دعم السلع الأساسية.
هل هناك أمل؟
رغم الصورة القاتمة، فإن الأمل لا يغيب. فمصر تمتلك إمكانات هائلة في مجالات الزراعة، والسياحة، والطاقة المتجددة، لو أُحسن استغلالها. كما أن المشروعات القومية الكبرى، رغم الجدل حولها، يمكن أن تسهم في خلق فرص عمل وتحريك عجلة الاقتصاد، بشرط أن تُدار بكفاءة وشفافية.
صوت المواطن لا بد أن يُسمع
في النهاية، لا يمكن أن تنجح أي خطة إصلاح اقتصادي دون أن تضع المواطن في قلب المعادلة. فكرامة الإنسان تبدأ من قدرته على تلبية احتياجاته الأساسية دون إذلال. الإصلاح الحقيقي يبدأ من دعم الفلاح والصانع والعامل، لا من إغراق المواطن في قروض وأعباء. مصر قادرة على النهوض، لكن فقط إذا عاد صوت المواطن ليُسمع في أروقة القرار.