
الوالدين باب من أبواب الجنة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل الشباب قوة، وزينة وفتوة، وزيّن بالثبات منهم من شاء، وحلى بالإستقامة منهم من أراد، أحمده سبحانه وأشكره والشكر له على جزيل نعمه، وعظيم مننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله ربه بالهدى والنور، فلبّى دعوته شباب نفع الله بهم الإسلام وأمته، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، المتفانين في دعوته، والممتثلين لأوامره، والمجتنبين لنواهيه، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد يا أيها المسلمون أوصيكم بالوالدان وما أدراكم ما الوالدان، فالوالدان اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية الإحسان والوالد بالإنفاق، والوالدة بالولادة والإشفاق، فلله سبحانه نعمة الخلق والإيجاد، وجعل للوالدين نعمة التربية والإيلاد، ويقول حبر الأمة وترجمان القرآن.
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثلاث آيات مقرونات بثلاث، ولا تقبل واحدة بغير قرينتها ” وأطيعوا الله وأطيعو الرسول ” فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه، ويقول تعالي ” واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ” فمن صلى ولم يزكي لم يقبل منه، ويقول تعالي : أن اشكر لي ولوالديك ” فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه، ولأجل ذلك تكررت الوصايا في كتاب الله تعالى والإلزام ببرهما والإحسان إليهما، والتحذير من عقوقهما أو الإساءة إليهما، بأي أسلوب كان، ومن الوصايا القرآنيه هو قوله تعالي ” واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ” وقوله سبحانه ” ووصينا الإنسان بوالدية حسنا ” وقوله تعالي ” ووصينا الإنسان بوالدية حملته أمه وهنا علي وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ” فوضحت هذه الآيات ما للوالدين من جميل عظيم.
وفضل كبير على أولادهما، خاصة الأم، التي قاست الصعاب والمكاره بسبب المشقة والتعب، من وحام وغثيان وثقل وكرب، إلى غير ذلك مما ينال الحوامل من التعب والمشقة، وأما الوضع فذلك إشراف على الموت لا يعلم شدته إلا من قاساه من الأمهات، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل قتل نفسا والذي نفس عمر بيده لو كانت أمه حية فبرها وأحسن إليها رجوت أن لا تطعمه النار، وقال رفاعة بن إياس رأيت الحارث العكلي في جنازة أمه يبكي، فقيل له تبكي؟ قال ولما لا أبكي وقد أُغلق عني باب من أبواب الجنة، وكان ابن الحنيفية يغسل رأس أمه بالخطمي ويمشطها ويقبلها ويخضبها، وقال لقمان لأبنه يابني إن الوالدين باب من أبواب الجنة، إن رضيا عنك مضيت إلى الجنة وإن سخطا حجبت، وسئل كعب عن العقوق؟ فقال إذا أقسم عليه فلم يفعل، وسأله فلم يعطه.
وللأسف بعض الناس عند أبويه كأنه هو المنعم المتفضل، وقال بشر أرى للأب والأم أن يأخذا من مال أبنهم مايكفيهم إذا كانا محتاجين، فإتقي الله عبد الله وتأمل حال هذا الذي ذهب السوق لقضاء حوائج رمضان فرحا مسرورا يهنئ الناس بقدوم الشهر تعلوا وجهه الصبوح بسمة الفرح فقد إقترب وقت اللقاء وقد تهيأ لصوم رمضان الذي إنتظره أحد عشر شهرا ولم يدر في خلده أن شمس أجله قد آذنت بالرحيل وأن ساعات عمره قد إنقضت وصفحات أيامه قد طويت وقبل دخول الشهر بسويعات أتى الزائر الذي لا يستأذن ليخبره أن ساعة السفر قد أزفت وأنه لا مجال للبقاء بل هو أجل مسمى ووقت محتوم، حيث يقول تعالي ” فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستفدمون ” إنه الموت الذي غفل عنه كثير من الناس اليوم.
فيقول تعالي ” اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ” جاءه هاذم الذات ومفرق الجماعات فلم يغني عنه أهله ولا إخوانه ولا أحبابه ولا جيرانه، فيقول تعالي ” فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين ” فقد تبدل السرور ألما وماتت الأحلام والآمال فقد أمل ولكن لم يدرك أمله فقد خرمته المنية ووافاه الأجل.