مقال

ضرب الأمة في أعز ما تملك

جريدة الأضواء المصرية

ضرب الأمة في أعز ما تملك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 22 ديسمبر 2024
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان وزينه بالعقل وشرفه بالإيمان، أحمده سبحانه تعالى وأشكره أدبنا بالقرآن، وزيننا بزينة الايمان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالخير والإحسان، ونهانا عن الفسوق والعصيان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، المبعوث بالحق وحسن البيان، صلى الله عليه ما تعاقب الجديدان، وتتابع النيران وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد لقد حرص أعداء هذه الأمة على إفسادها، وهدم كيانها، وضربها في أعز ما تملك، وذلك بإفساد شبابها، وتدمير دينهم وعقولهم وأخلاقهم وكانت المخدرات من أعظم أسلحتهم الفتاكة التي صدروها إلى المجتمعات المسلمة، لأنها إذا إنتشرت في المجتمع قضت على الدين والأخلاق والموارد والمجتمع الذي تنتشر فيه المخدرات يسوده القلق والتوتر.

ويخيم عليه العداوة والبغضاء، فإن أعداء الدين والوطن يتربصون بالمسلمين وبمجتمعاتهم الدوائر وفيهم من لايدين بدين، ولا يرقب في المؤمنين إلا ولا ذمة، ومطيتهم في بعض المجتمعات المجرم والمدمن والمهرب والمروج وضعيف الإيمان ممن يبحث عن المال والكسب الحرام ولو على حساب دينه ووطنه، وزاد الطين بلة والمرض عله السفر المحرم إلى دول الكفر والإنحلال بحثا عن المتعة المحرمة، فإنغمسوا في أوحال المسكرات ووقعوا في أتون المخدرات، وعادوا وهم يحملون الدمار لبلادهم، والعار على أهليهم، نسأل الله لهم الهداية والعافية، فإتقوا الله أيها الناس، فإتقوا ربكم وراقبوه في السر والعلن، فبتقوى الله عز وجل، تصلح الأمور وتتلاشى الشرور ويصلح للناس أمر الدنيا والآخرة.

ولقد كرم الله عز وجل، بني الإنسان على كثير من مخلوقاته، فكرم الله عز وجل بني آدم بخلال كثيرة، إمتاز بها عن غيره من المخلوقات، من جماد وحيوان ونبات وجان، فكرمه بالعقل، وزينه بالفهم، ووجهه بالتدبر والتفكر، فكان العقل من أكبر نعم الله على الإنسان، به يميز بين الخير والشر، والضار والنافع، به يسعد في حياته، وبه يدبر أموره وشئونه، به يتمتع ويهنأ، به ترتقي الأمم وتتقدم الحياة، وينتظم المجتمع الإنساني العام، وبالعقل يكون مناط التكليف. العقل جوهرة ثمينة، يحوطها العقلاء بالرعاية والحماية، إعترافا بفضلها، وخوفا من ضياعها وفقدانها، وبالعقل يشرف العقلاء، فيستعملون عقولهم فيما خلقت له، وإذا ما فقد الإنسان عقله، لم يفرق بينه وبين سائر الحيوانات والجمادات، بل لربما فاقه الحيوان الأعجم بعلة الإنتفاع.

ومن فقد عقله، لا نفع فيه ولا ينتفع به، بل هو عالة على أهله ومجتمعه، فهذا العقل الثمين الذي هو مناط التكليف، يوجد في بني الإنسان، من لا يعتني بأمره، ولا يحيطه بسياج الحفظ والحماية، بل هناك من يضعه تحت قدميه، ويتبع شهوته، وتعمى بصيرته، وكل هذا يبدو ظاهرا جليا، في مثل كأسة خمر، أو جرعة مخدر، أو إستنشاق مسكر وشرب مفتر، تفقد الإنسان عقله فينسلخ من عالم الإنسانية، ويتقمص شخصية الإجرام والفتك والفاحشة فتشل الحياة، ويهدم صرح الأمة، وينسى السكران ربه، ويظلم نفسه، ويهيم على وجهه، ويقتل إرادته، ويمزق حياءه، فأيتم أطفاله، وأرمل زوجته وأزرى بأهله لما فقد عقله، فعربد ولهى ولغى، وبذلك كله يطرح ضرورة من الضروريات الخمس.

التي أجمعت الشرائع السماوية على وجوب حفظها، ألا وهي ضرورة العقل، إنها واجبة الحفظ والرعاية لأن في حفظها قوام مصلحة البشرية، ففاقد العقل بالسكر، يسيء إلى نفسه ومجتمعه، ويوقع مجتمعه وبني ملته في وهدة الذل والدمار فيخل بالأمن، ويروع المجتمع.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى