خير من صدقة يتبعها أذي بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الخميس الموافق 21 نوفمبر 2024 الحمد لله السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم أما بعد اعلم أخي الكريم أنه من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا كان حقا على الله أن يرضيه وهذه أركان الرضا، وأصول النجاح أن يرضى الله عنك وأن يرضى عنك من حولك وأن تكون نفسك راضية وأن تقدم عملا مثمرا، واعلم أن الطعام سعادة يوم والسفر سعادة أسبوع والزواج سعادة شهر، والمال سعادة سنة والإيمان سعادة العمر كله، ولن تسعد بالنوم ولا بالأكل ولا بالشرب ولا بالنكاح وإنما تسعد بالعمل وهو الذي أوجد للعظماء مكانا تحت الشمس، وإن من القول الحسن الذي أمرنا به المولي سبحانه وتعالي.
عندما قال تعالي ” وقولوا للناس حسنا ” هو التلطف مع الضعفاء هم الفقراء، فهذا الإنسان الفقير منكسر القلب، وجهه يتلفع وكأن الناس يلطمونه على وجهه، فإذا جاء يسأل فهو يتوقع كل شيء فيتوقع الزجر، ويتوقع الإغلاظ ويتوقع القهر، والكهر والدفع وجرح المشاعر، ويكفيه ذل المسألة والحاجة فلا يحتاج معه إلى إذلال آخر، أن نذله بما نسمعه من القول الجارح، ولهذا قال الله تعالي ” قول معروف” أي قول كلام طيب تقول له إن جاءنا شيء أعطيناكم، أو تقول له أبشر، وسيكون لك ما تحب بإذن الله تعالي أحسن من أن نعطيه، وأن نتبع ذلك بقول نجرح به مشاعره حيث قال الله تعالي ” قول معروف ومغفرة خيرا من صدقة يتبعها أذي ” لأن هذا الفقير قد يحصل منه شيء من الإلحاح، وقد يأتي إليك في وقت غير مناسب.
وقد يطرق بابك في وسط الظهيرة في وقت إرتياح الناس، وقد يطرق بابك وأنت نائم، وقد يأتيك بأساليب مختلفة، وبإلحاح، وقد يقوم أمام الناس خطيبا، والناس يقولون الأذكار بعد الصلاة، لا يحسن كيف يسأل، فلا ينبغي زجره، فعلينا أن نغفر له هذا الخلل والخطأ والتجاوز حيث قال الله تعالي ” قول معروف ومغفرة خيرا من صدقة يتبعها أذي ” ومعني قوله تعالي “يتبعها أذى” يعني أنك تعطيه، وتقول خذ ولا ترجع مرة أخرى، أو أنك تعطيه، وتتبع ذلك بالمن أن نمن عليه، كأن يعطيه عطية ويقول أنا أعطيتك ذلك اليوم، أو أن يعطيه شيئا يعطيه طعاما أن يعطيه قوت سنة، ثم يقول ما شاء الله قد تحسنت حالك وعافيتك ويذكره بما أعطاه من الطعام، أو يعطيه ثوبا ثم يقول ما أجمل هذا الثوب عليك، ويذكره بهذا الثوب الذي أعطاه إياه، أو أن يعطيه غسالة مثلا.
ثم يقول له ما شاء الله بماذا تغسلون هذه الثياب؟ وثيابكم ناصعة، وهو يريد أن يذكره بعطيته التي أعطاها إياه، والله تعالي يقول ” وإما تعرضن عنهم ” ويعني المحتاجين ” إبتغاء رحمة من ربك ترجوها ” وذلك يعني ما عندك شيء تعطيهم، وأنت تنتظر توسعة الله تعالي ” وإما تعرضن عنهم إبتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ” فهؤلاء أصحاب الحاجات ينبغي أن يتلطف بهم، وأن لا يذلوا ” وأما السائل فلا تنهر ” والسائل بنوعيه الذي يسأل المال فلا ينهر، والسائل الذي يسأل عن العلم لأنه كذلك أيضا حينما يأتي، ويرفع السماعة، ويسأل هذا العالم، أو حينما يأتي إليه فهو يتوقع منه أشياء، قد يتوقع منه الزجر، قد يغلق السماعة كما يقال في وجهه، قد يعامله معاملة غليظة عنيفة.
وهذا الإنسان مسكين قد لا يحسن السؤال فينبغي أن يراعى مثل هذا، فالسائل بنوعيه ” وأما السائل فلا تنهر ” إذا كان فقيرا فتكلم معه بالكلام الطيب سواء أعطيته أو لم تعطه، وفي الحديث يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم ” إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلق”.