ثورة الحرافيش: صرخة المظلومين ضد الظلم

ثورة الحرافيش: صرخة المظلومين ضد الظلم
محمود سعيد برغش
لطالما كانت قصص الحرافيش التي كتبها الأديب الكبير نجيب محفوظ تجسيدًا لحالة الظلم والقهر التي عاشها البسطاء عبر العصور. في هذه الحكايات، يعرض محفوظ صورة رمزية لفترة افتراضية تهيمن فيها الفتوات على الأحياء، ويفرضون سيطرتهم بالقوة والبطش. الفتوة، الذي يفترض أن يكون حامي الناس والمدافع عن حقوقهم، يتحول إلى ظالم يستنزف قوتهم ويهدد حياتهم، حتى ينهض من بين الحرافيش شخص شجاع يرفض هذا الواقع القاسي ويقود ثورة ضد الظلم.
ملامح الظلم في عالم الحرافيش
في روايات نجيب محفوظ، الحرافيش هم الطبقة الكادحة التي تعاني من الاستغلال والقهر. الفتوات يمثلون القوة الغاشمة التي تُستخدم لفرض الإتاوات وضرب الناس بلا رحمة. يعيش الحرافيش في خوف دائم، بين مطرقة الفقر وسندان الظلم. لكن الظلم، مهما طال أمده، لا بد أن يقابل بالنهوض والتمرد.
في كل مرة يطغى الفتوة على الناس، ينشأ من بينهم شخص لا يرضى بهذا الوضع. يتحول إلى بطل شعبي، يثور على الظلم ويعيد للناس حقوقهم. قد يكون هذا البطل إنسانًا عاديًا، لكنه يحمل في قلبه شجاعة كافية لمواجهة الاستبداد، ليصبح رمزًا للأمل والتغيير.
الثورة كحتمية تاريخية
ثورة الحرافيش ليست مجرد قصة روائية، بل هي إسقاط رمزي على حقيقة تاريخية وإنسانية. فالظلم والاستبداد، مهما استمر، يحمل في طياته بذور سقوطه. عندما تُغلق الأبواب أمام الناس ويُحرمون من حقوقهم، يبدأ الغضب يتراكم في صدورهم، حتى يأتي اليوم الذي يثورون فيه لاسترداد كرامتهم.
قد يتأخر هذا اليوم، وقد لا يخرج البطل الشعبي في الوقت الذي ننتظره، لكن دروس التاريخ تؤكد أنه لا يوجد ظالم يستمر للأبد. الثورة ضد الظلم هي النتيجة الحتمية لكل نظام يفرط في قهر الناس وسلب حقوقهم.
رسالة نجيب محفوظ
من خلال الحرافيش، أراد نجيب محفوظ أن يسلط الضوء على العلاقة بين الظالم والمظلوم، وعلى الأمل الذي لا يموت في نفوس المظلومين. الإنسان البسيط، الذي يبدو ضعيفًا ومستسلمًا في البداية، يمتلك قوة داخلية تدفعه للثورة عند اللحظة المناسبة.
الحرافيش ليست فقط قصة عن الماضي أو الخيال، بل هي رسالة لكل عصر ومجتمع. إذا لم يتحرك المظلومون اليوم، فإن الغد يحمل وعدًا بأن الظلم لن يدوم. لا بد أن يولد البطل من رحم المعاناة، وأن تتحول صرخات الحرافيش إلى ثورة تعيد الحقوق إلى أصحابها.
خاتمة
ثورة الحرافيش ليست مجرد أسطورة أدبية، بل هي انعكاس لحقيقة إنسانية ثابتة: الظلم لا يدوم، والمظلومين سيجدون يومًا ما وسيلة للدفاع عن حقوقهم. قد تتأخر الثورة، لكن قدومها حتمي، لتعيد التوازن بين القوة والعدل، وتنهي عصور القهر والطغيان.