وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن حال اليهود مع رسول الله صلي الله عليه وسلم هو سرعان ما نقضوا العهد، وسرعان ما نكثوا العهود وتعدوا الحدود وغلبت عليهم طبيعة الغدر التي تعودوا عليها حتى مع رسل الله ومع أنبيائه ، فيقول تعالي ” فكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريق كذبتم وفريق تقتلون” ويقول تعالي “وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يعلمون” ويقول تعالي ” فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية” فسرعان ما نقضت هذه القبائل اليهودية واحدة بعد الأخرى.
عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدأ بنو قينقاع ثم بنو النضير الذين نزلت فيهم أوائل سورة الحشر، ثم بنو قريظة الذين كانوا مع المغيرين على المدينة ضد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وكان المفروض أن يكونوا مع الرسول صلي الله عليه وسلم ضد هؤلاء الذين يهاجمون المدينة من الخارج كما تقضي الاتفاقية، لكنهم نقضوا العهد وقالوا لقريش نحن معكم على محمد صلي الله عليه وسلم، ولذلك القرآن يقول “إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم” من الداخل ومن الخارج، ولذلك كان عقابهم أليما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كانت غزوة خيبر وهذه هي طبيعة اليهود النقض للعهود، لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا يرعون لمسلم عهدا ولا حرمة ولا يتوقع منهم أن يفوا بعهد، وانظروا ماذا يفعلون الآن، إتفاق مدريد أو محادثات مدريد.
ثم إتفاق أوسلو ثم واي ريفر ثم شرم الشيخ ثم غيرها الكثير والكثير وكلها حبر على ورق في نظر هؤلاء، لأنهم لا يريدون أن تقوم للفلسطينيين دولة حرة مستقلة يسودون فيها على أرضهم، إنما تظل دويلة أو سلطة تحت رحمتهم لا يملكون أرضها ولا سماءها ولا مياهها ولا أجواءها ولا يملكون ما حولها، الممرات في أيديهم، وهذا ما تريده الدولة اليهودية الصهيونية الإسرائيلية والعجب منا أننا نصدق أن هؤلاء سيعطوننا شيئا، لن يعطونا إلا السراب، كما قال تعالي ” يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب” ولنا وقفة تدبر للإنجازات العظيمة التي شرع النبي صلى الله عليه وسلم بها بعد وصوله المدينة المنورة، ونحن نقرأ في أحداث السيرة المطهرة أن أول أعماله صلي الله عليه وسلم هو بناء المسجد.
فكان المسجد جامعا للمسلمين، تؤدى فيه الصلوات ويعلّم القرآن تلاوة وفهما ويتشاور المسلمون فيما يصلح شأن دنياهم وأمر آخرتهم، وفيه تتم إنهاء الخصومات والخلافات، وفيه يستقبل الوفود والزوّار، وفي المساجد يتعلّم الناس أحكام دينهم وشريعة ربهم وسنة نبيهم، وقد آن لنا أن ندرك أهمية المسجد في حياة المسلمين، وأنها ركن ركين وأصل متين، لا غنى للأمة عن أنواره، ولما كانت رسالة الإسلام قائمة على التوازن بين متطلبات الدنيا وأشواق الروح والآخرة فقد حرص النبي صلي الله عليه وسلم على الإهتمام بإقتصاد المجتمع الإسلامي، فأمر بإنشاء سوق تجاري ينافس تلك الأسواق التي كانت قائمة على الربا والغش والإحتكار، فإنتعش إقتصاد الأنصار والمهاجرين معهم، ومُنع الربا والتناجش بأمر الله، وحُرّم التدليس وبيع العينة، وصارت عيوب المبيع تظهر للمشتري خلافا لما كان الأمر عليه، وصارالصدق والتناصح سمة المتبايعين، بل سمة المجتمع الإسلامي كله.