مقال

الناس على ثلاث درجات

جريدة الأضواء المصرية

الناس على ثلاث درجات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 24 سبتمبر 2024
الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد ذكرت المصادر الفقهية الكثير عن صفات أولياء الله تعالي وسماتهم، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية ” الناس على ثلاث درجات، ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات، فالظالم لنفسه هو العاصي بترك مأمور أو فعل محظور، والمقتصد هو المؤدي الواجبات والتارك المحرمات، والسابق بالخيرات.

وهو المتقرب بما يقدر عليه من فعل واجب ومستحب والتارك للمحرم والمكروه، وإن كان كل من المقتصد والسابق قد يكون له ذنوب تمحى عنه، إما بتوبة، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة، وإما بغير ذلك، وكل من الصنفين المقتصدين والسابقين من أولياء الله الذين ذكرهم في كتابه بقوله تعالي “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون” فحد أولياء الله هم المؤمنون المتقون، ولكن ذلك ينقسم إلي عام، وهم المقتصدون، وخاص وهم السابقون وإن كان السابقون هم أعلى درجات كالأنبياء والصديقين، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم القسمين في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال.

“يقول الله من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما إفترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر، وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه” وأما الظالم لنفسه من أهل الإيمان فمعه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه، كما معه من ضد ذلك بقدر فجوره، إذ الشخص الواحد قد يجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب والسيئات المقتضية للعقاب حتى يمكن أن يثاب ويعاقب وهذا قول جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الإسلام وأهل السنة والجماعة.

الذين يقولون إنه لا يخلد في النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وقال الشيخ ابن عثيمين “من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا، ومن لم يكن كذلك فليس بولي لله، وإن كان معه بعض الإيمان والتقوى كان فيه شيء من الولاية” وإن الولاية ليست حكرا على أحد وليست علامة مميزة لطبقة معينة من الناس ولا تنال بالوراثة ولا بالأوسمة، بل هي رتبة ربانية تبدأ بالقلب محبة وتعظيما لله عز وجل، وتترجم إلى واقع عملي، فيكسب صاحبها حب الله تعالى وولايته، وكما أن الولاية لا تبيح لصاحبها فعل المحرمات ولا ترك الواجبات، بل إن فعل ذلك فهو دليل على نقص ولايته لله تعالي، وكذلك لا تبيح لأحد أن يتوجه إلى من يسمون بالأولياء وقد لا يكونون يستحقون ذلك فيرفعونهم إلى مقام النبوة فلا يردون لهم أمرا، ولا يناقشون لهم فكرا ولا رأيا.

وهذا كله من الغلو الذي نهى الله تعالى عنه، وهو من أعظم أسباب وقوع الشرك في الناس، وقد يتعدى بعض الناس هذا الحد فيقع في الشرك الأكبر بسبب الفهم الخاطئ للولاية ومنزلة الأولياء فتراه يدعوهم من دون الله ويذبح لهم ويقدم لهم القرابين ويطوف حول أضرحتهم، أما إطلاق كلمة أصحاب الله على الأولياء، فلا نعلم ما يدل على صحة هذه التسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى