مقال

ابن تيمية يجيز الإحتفال بالمولد النبوي

جريدة الأضواء المصرية

ابن تيمية يجيز الإحتفال بالمولد النبوي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 11 سبتمبر 2023
الحمد لله مصرّف الأوقات وميسر الأقوات فاطر الأرض والسماوات أهل الفضل والمكرمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلقنا لعبادته ويسر لنا سبل الطاعات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، جاء بالحنيفية السمحة ويسير التشريعات، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد أفضل المخلوقات وأكرم البريات وعلى آله السادات وأصحابه ذوي المقامات والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم العرصات أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكلوا من الطيبات واعلموا الصالحات فاليوم حياة وغدا ممات، ثم أما بعد إن من أدلة من يحتفلون بالمولد النبوي الشريف أن شيخ الإسلام ابن تيمية يجيز الإحتفال بالمولد النبوي، فكثيرا ما نقرأ لهؤلاء المبتدعة القول على ابن تيمية أنه يجيز المولد.

ومن قرأ كلامه عن الأعياد والإحتفالات في كتاب إقتضاء الصراط علم أن ما نسب إليه كذب فهو يقول رحمه الله ” وكذلك ما يحدثه بعض الناس، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وتعظيما له والله تعالي قد يثيبهم على هذه المحبة والإجتهاد لا على البدع من إتخاذ مولد النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم عيدا، مع إختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته وإتباع أمره.

وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وأكثر هؤلاء الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع مع مالهم فيها من حسن القصد والإجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يتبعه، وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه قليلا، وبمنزلة من يتخذ المسابح والسجادات المزخرفة، وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع ويصحبها من الرياء والكبر والإشتغال عن المشروع ما يفسد حال صاحبها كما جاء في الحديث ما ساء عمل أمة قط إلا زخرفوا مساجدهم “

ومن توهم أن شيخ الإسلام ابن تيمية أجاز المولد فقد خلط عليه الأمر، فابن تيمية بعد أن قرر بدعية المولد، أجازه لقوم إن لم يفعلوا المولد فإنهم يفعلون منكرا أشد، فهو بمنزلة أخف الضررين، وهذا صريح في كلامه رحمه الله تعالى إذ يقول ” فتعظيم المولد، وإتخاذه موسما، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعيظمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس، ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء إنه أنفق على مصحف ألف دينار، أو نحو ذلك فقال دعه، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة، وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط، وليس مقصود أحمد هذا، وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة.

وفيه أيضا مفسدة كره لأجلها فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا، وإلا إعتاضوا الفساد الذي لا صلاح فيه، مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور ككتب الأسمار أو الأشعار، أو حكمة فارس والروم، فتفطن لحقيقة الدين، وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية، والمفاسد، بحيث تعرف ما ينبغي من مراتب المعروف، ومراتب المنكر، حتى تقدم أهمها عند المزاحمة، فإن هذا حقيقة العمل بما جاءت به الرسل، فإن التمييز بين جنس المعروف، وجنس المنكر، وجنس الدليل، وغير الدليل، يتيسر كثيرا، فأما مراتب المعروف والمنكر، ومراتب الدليل بحيث تقدم عند التزاحم أعرف المعروفين، فتدعو إليه، وتنكر أنكر المنكرين، وترجح أقوى الدليلين فإنه هو خاصة العلماء بهذا الدين ” والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى