صمود الإمام أحمد في وجه الفتنة بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الجمعة الموافق 30 يوليو 2024 الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن محنة الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله حيث بدأت الفتنة بالقول في خلق القرآن في آخر خلافة المأمون بن هارون الرشيد وهو سابع خلفاء بني العباس وقد كان تلميذا لأبي الهذيل العلاف المعتزلي وكان الداعي لها أحمد ابن أبي دؤاد وقد سجن الأمام أحمد بسبب صموده في وجه الفتنة في عهد المأمون، ثم مرض ومات وأوصى أخاه المعتصم أن يواصل في محنة خلق القرآن.
وكان المعتصم موصوفا بالجهل وقد أمر بضرب الأمام أحمد فضرب حتى خُلعت يداه، ثم رق له المعتصم وقال لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك ولكن ابن أبي دؤاد كان يخوفه سوء العاقبة إن هو خلى سبيله ثم أطلق في عام مائتان وعشرين من الهجرة، وبقي سبع سنين طليقا حتى مات المعتصم وتولى بعد المعتصم ابنه الواثق ولم يؤثر عنه أنه الحق بالإمام أحمد أذن أو محنة في الفتنة إلا أن ابن دؤاد ما زال يحرك الفتنة حتى كتب الواثق إلى عامله إسحاق ابن إبراهيم ينهى فيه الأمام أحمد عن التحديث واختباء بين داره ودور أصدقائه وما زال كذلك حتى هلك الواثق سنة مائتان واثنين وثلاثين من الهجرة، وفي عهد المتوكل جعفر ابن المعتصم محمد ابن هارون الرشيد رفع الله به المحنة وأظهر السنة وأفل نجم التجهم والإعتزال.
وكتب بذلك إلى الآفاق سنة مائتان وأربعة وثلاثين من الهجرة، ولما أفلت الفتنة في عهد المعتصم كان من سمو نفس الأمام أحمد بن حنبل وعالي خلقه وشرف طبعه هو إعلانه العفو عن كل من آذاه وإنه في حل إلا صاحب بدعة، وجعل المعتصم في حل يوم فتح بابل وعمورية، وقال كل من ذكرني ففي حل إلا مبتدعا وقد جعلت أبا إسحاق وهو يعني المعتصم في حل ورأيت الله يقول ” وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ” وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قصة مسطح ثم قال “وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سبيله ؟” وذكر ابن رجب في طبقات الحنابلة أن الوزير ابن هبيرة الوزير الحنبلي العظيم، العالم العابد، كان وزيرا، دخل عليه رجل فأتى هذا الرجل إلى ابن هبيرة، فأعطاه الوزير ابن هبيرة مالا جزيلا ومسح على رأسه.
فقال الناس لابن هبيرة ما لك مسحت على رأسه؟ قال عفوت عنه قالوا كيف عفوت عنه؟ قال لما دخل علي عرفني ولم أعرفه، هذا الرجل ضربني ونحن شباب في رأسي، فأذهب عيني، فلا أبصر بها منذ أربعين سنة، فلما دخل علي عفوت عنه، ليعفي الله عني يوم يجمع الله الأولين والآخرين، فتباكى الناس، فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكّاها أنت وليّها ومولاها، اللهم إنا نسألك إيمانا صادقا وعملا خالصا ولسانا ذاكرا وبدنا معافا ودعوة لا ترد يا رب العالمين، اللهم اهدنا إلى أحسن الأخلاق والأقوال والأفعال لا يهدي إلى أحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم زينا بزينة الإيمان وجملنا بثياب الاستقامة يا منّان، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.