مقال

قريش ومكافأة مائة من الإبل

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قريش ومكافأة مائة من الإبل
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن حياة الصحابة الأوئل وعن فجر الإسلام، وعن الهجرة النبوية وقيل أنه لما أعلنت قريش عن إعطاء من يرشد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدار ديته، وهو مائة من الإبل، أراد سُراقة بن مالك أن يكون الفائز بها، فركب فرسه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، بعد أن عرف من رجل من قبيلته طريقهما، إلا أنه لم يفز بما أراد، ورجع يصرف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون.

فارين بدينهم من مكة، وأدخلهم الله فى المدينة المنورة مدخل صدق، بعد أن أخرجهم من القرية الظالمى أهلها مخرج صدق، وآووا إلى ركن شديد من الأنصار الذين أنعم الله عليهم، فألف بين قلوبهم، وجمع بالإسلام شملهم، وجعل بلدهم معقل الإسلام وحصن المسلمين، ودار العزة لله ولرسوله، وخلص المسلمون من أذى قريش وفتنتها التي كانت تحاول بها أن ترد المؤمنين عن دينهم إلى وثنيتها الجاهلية وعبادتها الموتى والأنصاب مع الله باسم الشفعاء والوسطاء اتباعا للظن وما تهوى الأنفس، بعد أن جاءهم من ربهم الهدى، وما كاد المسلمون يلقون عصا الترحال فى المدينة، محاولين نسيان قريش وما كان من شرها وأذاها وفتنتها، والانصراف عنها إلى شأنهم فى الحياة الجديدة فى دار الهجرة، حتى تواتر إليهم أن قريشا تسلقهم بألسنة حداد.

وتنظم الشعر في الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وترويه السفار يتنقلون به في أطراف الجزيرة، وتشبب بنساء المؤمنين، وتقول السوء ترمي به المحصنات الغافلات المؤمنات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون صابرون على ذلك حتى أذن الله لهم في رد العدوان ودفع الأذى، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث السرايا تغير على سرح قريش وأموالها التي هي عندها أعز من أرواحها، فكانت تعود من هذه الأموال بغنائم تغيظ المشركين وينفع الله بها المؤمنين، ويزدادون بها قوة وعزة، وفى ليلة بدر كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وصلوا إلى ميدان المعركة وكانوا خارجين لمقابلة التجارة التي كان فيها أبو سفيان وعمرو بن العاص وأربعون رجلا من قريش.

وكانت هذه التجارة في طريقها من بلاد الشام وبها مكاسب ومغانم كثيرة، فنزل أمين الوحى جبريل عليه السلام وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمه أن أبا سفيان وعمرو بن العاص آتين من بلاد الشام ومعهما أربعون رجلا، ومعهم مال وفير، فاخرجوا فربما يعوضكم الله عز وجل ويغنمكم هذا المال مقابل المال الذى اغتصبوه منكم في مكة، فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عدد قليل حوالى ثلاث مائة وثلاث عشرة رجلا، ولم يعرفوا أنهم خرجوا من أجل الحرب، ولذلك كانت الأسلحة التى معهم قليلة، ومعهم ثلاثة من الخيول ومن الجمال سبعون جملا، ولذلك كان كل ثلاثة يتناوبون على جمل واحد، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه كان يتناوب مع اثنين من أصحابه، وعندما قالوا له يا رسول الله عليك أن تركب ونحن أقوى على المشي.

فقال صلى الله عليه وسلم” أعلم أنكم تكفوننى ذلك، ولكنني لا غنى لي عن الأجر” يعنى أريد الأجر مثلكم، فضرب لنا المثل في القدوة، وعلمنا كيف يكون قائد الجيش نفسه شريكا لجنده، ورغم أن الأسلحة كانت قليلة، والعدد كان قليلا، إلا أنه شاءت إرادة الله أن يكون القتال، مع أن جُلّ الذى خرج لا يريد إلا الغنيمة والأموال، والأرباح والمكاسب التي بالتجارة، وعندما علم أبو سفيان بخروج المسلمين غيّر الطريق ونجا بكل من معه، ولكنه كان قد أرسل رسولا إلى أهل مكة يعلمهم بأن تجارتهم معرضة لسوء ليخرجوا إليه، فخرجوا فى ألف فارسا ومعهم مائة فرس، ومعهم من الجمال عدد كثير، وأموال كثيرة وأسلحة وفيرة، وخرجوا واستعدوا لحماية تجارتهم، وفى نفس الوقت كانوا موتورين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج من بينهم ولم يستطيعوا أن يصنعوا معه شيئا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى