الدكروري يكتب عن رفض مبدأ السلام العادل بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه وأصلي وأسلم على خير عباده والمصطفى من أنبيائه وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم يبعثون، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا في القول والعمل، أنه المرجو والأمل، أما بعد لقد أمرنا الإسلام بأن نحكم الحق العادل في معاملة الناس جميعا، وهذا الصحابي الجليل ربعي بن عامر يصف رسالة الإسلام لقائد جيوش الفرس رستم “إن الله ابتعثنا بالحق، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام” وأمرنا الله تعالى بأن نتعاون على الخير والبر فقال تعالى فى سورة المائدة “وتعاونوا على البر والتقوى” وقدم الإسلام البراهين العملية على أن أسلوب العدوان منبوذ مبتذل مرفوض.
بقوله تعالى ” ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” كما أن الله منع التعاون على الشر والعدوان فقد حرم العدوان مطلقا، فقال تعالى ” ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين” أما المتعنتين المتكبرين الذين يفسرون السلام تبعا لأهوائهم وعنصريتهم ولا يرضخون للحق إذا كان صاحبه ضعيفا، ويرفضون مبدأ السلام العادل، إذا عارض عنصريتهم وشهواتهم، فهذا النوع ظالم لنفسه أولا، ولغيره ثانيا، وقد أعد الله له عذاب جهنم سعيرا، وأمرنا الله بالإعراض عنه لكونه جاهل للحق الإنساني، وأما إذا صمم هذا النوع على العدوان، ورفض مبدأ السلام العادل، وبغية خراب البلاد، وإذلال الناس، تكبرا وتعنتا، وتعاليا على الحق فهذا النوع لا يصلح معه إلا الإعداد بالقوة، وصده عن غيه وضلاله، ولكن ما هو أصل حمامة السلام.
وهى الحمامة البيضاء التي تحمل في منقارها غصن الزيتون، حيث تعتبرالحمامة البيضاء، أو الحمامة التي تحمل غصن الزيتون في منقارها رمز السلام المتداول والمتعارف عليه من كل أمم العالم، وليس الآن فقط، بل هي رموز قديمة للسلام ترتبط بمجموعة من الأحداث التاريخية ، ونجد أكثر هذه القصص هى قصة مرتبطة بالنبي نوح عليه السلام وسفينته، وقصة أخرى مرتبطة بحرب من حروب آسيا الوسطى، وفي قصة نبى الله نوح عليه السلام بعد الطوفان العظيم الذي غمر الأرض إلا سفينة نوح ومن عليها من المؤمنين والحيوانات، عندها كان يُرسل سيدنا نوح عليه السلام حمامة، لتكتشف إن كان هناك يابسة، وفي كل مرة كانت تعود خالية في دلالة على أن الماء لم يجف بعد ولم تظهر اليابسة.
وفي مرة من المرات أرسل سيدنا نوح عليه السلام الحمامة فعادت وفي منقارها غصن زيتون، ففرح بها فرحا شديدا لأن ذلك يعني أن الأشجار بدأت تظهر والمياه بدأت بالانحسار، وفي مرة أخرى عادت الحمامة وقد تلطخت أقدامها بالطين، ما يعني أن اليابسة قد ظهرت، وبالتالي يستطيع كل من على السفينة أن ينزل إلى الأرض بسلام، ومنذ ذلك الوقت ارتبطت الحمامة التي تحمل بمنقارها غصن زيتون مع السلام، أيضا من القصص التاريخية التي ربطت رمزية الحمامة بالسلام، قصة من آسيا الوسطى، حيث كان ملكان يتجهان للحرب، وسأل أحد الملكين عن سلاحه وخوذته، فأخبره الجنود أن حمامة صنعت عشها في خوذته، فطلبت أم الملك منه أن يترك الحمامة وصغارها ولا يؤذيهم.
ما اضطر الملك للذهاب إلى الحرب دون خوذته وسلاحه، وعندما التقى الملكان شاهد الملك الثاني خصمه دون خوذته ودرعه فأراد أن يعرف ما سبب ذلك، ودعاه للتفاوض والمحادثات، فجلس الملكان معا، وعندما سمع القصة كاملة عرف الملك الثاني رحمة خصمه بحمامة وتركه لخوذته وسلاحه لأجلها وصغارها، رأى أنه من الخطأ أن يُقاتل هذا الملك ومملكته، واتفقوا على السلام، ومن هنا رُمز للسلام والحب بالحمامة البيضاء.