الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام، إن حب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عند أصحابه لم يكن حبا باللسان أو حبا بالأقوال دون الأفعال كما يفعل البعض منا اليوم ولكنه كان حبا بالقلب يصدقه القول والعمل، حبا تحول إلى واقع في حياتهم فإذا دعاهم للجهاد تسابقوا إليه وإذا أمرهم بأمر أطاعوه وإذا نهاهم عن شيء تركوه بل تحول حبه في قلوبهم إلى سلوك فهذا مهتم بنعله وهذا مهتم بوضوئه، وذاك يصلح له دابته وآخر يحمل متاعه وهكذا بل تجاوز حبهم إلى أبعد من هذا، فبلغ حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنهم راحوا يقتسمون شعر رأسه إذا حلق ويتقاسمون فضل وضوئه إذا توضأ.
فيقول عروة بن مسعود الثقفي لقريش حينما أرسلوه ليفاوض النبي صلى الله عليه وسلم في الصلح في قصة الحديبية قال دخلت على الملوك كسرى وقيصر والنجاشي فلم أري أحدا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا كان إذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له، ويتجسد هذا الحب أيضا في موقف هذه المرأة الصحابية وهي المرأة الأنصارية من بني دينار التي قُتل زوجها وأخوها وأبوها في معركة أحد فلما نعوا لها قالت ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا خيرا يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين قالت أرونيه حتى أنظر إليه؟ فأشاروا إليه حتى إذا رأته قالت كل مصيبة بعدك جلل أي تريد صغيرة.
فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ هيثم ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻳﻢ ﺍﻟﺴﻬﺮ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﻳﺎ ﺃبتي من ﺃﻓﻀﻞ ﺧﻠﻖ الله ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ؟ فقال ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ صلى الله عليه وسلم، فقالت ﺑﺤﺮﻣﺔ سيدنا ﻣﺤﻤﺪ صلى الله عليه وسلم ﻧﻢّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺃﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻬﺮ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻭﻟﻜﻦ ﻷﺟﻞ ﻣﺎ ﺃﻗﺴﻤﺖ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻋﻠﻲّ ﺑسيدنا ﻤﺤﻤﺪ صلى الله عليه وسلم ﺃﻧﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ، ﻓﻨﺎﻡ، ﻓﺮﺃﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺃمه أي جارية ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﻣﻴﻤﻮﻧﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺯﻭﺟﺘﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺠنة، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺑﻘﺪﻭﻣﻪ ﺗﻠﻘﻮه، ﻓﻠﻤﺎ ﺩﺧﻞ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﻣﻴﻤﻮﻧﺔ ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻭﻣﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﻤﻴﻤﻮﻧﺔ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻧﺔ ﻫﻲ ﺗﺮﻋﻰ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺗﺸﺘﺮﻱ ﺑﺄﺟﺮﺗﻬﺎ ﺗﻤﺮﺍ ﻓﺘﻔﺮﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺗﺼﻌﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻟﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﺪﻉ ﺃﺣﺪا ﻳﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻴﺎﺡ.