نفحات إيمانية ومع أنوش بن شيث بن آدم “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع أنوش بن شيث بن آدم “جزء 2”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع أنوش بن شيث بن آدم، وهم يسمون بالصابئة المندائيين، وبدايتهم كانت فى فلسطين، ومع قدوم نبى الله عيسى عليه السلام خرجوا إلى العراق، وكانوا يتخذون أماكن عبادتهم على شواطئ الأنهار، ويعمدون أولادهم مثل المسيحيين وكثير من طقوسهم مرتبطة بالمياه، وهم من الموحدين، ويقولون لا إله إلا الله، وكتابهم يسمى الكنز الأعظم، ولهم طقوس خاصة، ورجال دينهم يجب أن يمروا باختبارات عدة، وهم يصلون ثلاث مرات فى اليوم، فى أوقات مختلفه وهى قبل شروق الشمس، وقبل الظهر، وقبل الغروب، وصلاتهم تشبه صلاة الإسلام ولكن دون سجود، وهم أيضا يصومون اثنين وثلاثين يوما فى السنة.
ويؤمنون باستنساخ الأرواح، وكما يؤمنون بأن هناك ثلاثة مائه وستون شخصية ليسوا من البشر أو من الملائكة، يحكمون الكون بأمر من الله، وأما عن قبلتهم فهى القطب الشمالى أو نجم الشمال لاعتقادهم بقوة تأثير الكواكب، وأما عن حكاية النبى شيث والد النبى أنوش فهى تلخص أساس الكثير من مشاكل البشرية، وهى الشهوة التى خلقها الله داخلنا والمحرك لكثير من المعاصىن منذ بداية الخلق، وهى قتل الأخ أخاه من أجل امرأة أحبها، فأرسل الله للأبوين آدم وحواء إبنهم شيث، ليجبر بقلبيهما ويعوضهما، فبدأ قومه يشتهون نساء قوم أخيه، الغريزة تحرك البشرية كلها، والأتقياء فقط هم من يتحكمون بها ويضعونها فى إطارها الشرعى.
وأما عن أنوش بن شيث فقد قيل أنه عاش تسعمائة وخمسة وستون سنه، وقد قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية: فلما مات، قام بالأمر بعده ولده يرد، فلما حضرته الوفاة، أوصى إلى ولده خنوخ، وهو نبى الله إدريس، على المشهور، فلما مات آدم عليه السلام، قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام، وقد كان نبيا بنص الحديث الشريف، فعن أبي ذر الغفارى رضى الله عنه مرفوعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيث بن آدم ” أنه أنزل عليه خمسون صحيفة، فلما حانت وفاته، أوصى إلى ابنه أنوش، فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن، ثم من بعده ابنه مهلاييل ” وهذا الحديث رواه بن حبان، وكان شيث بن آدم هو الذي يزعم الأعاجم من الفرس.
أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن، والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل، ومدينة السوس الأقصى، وأنه قهر إبليس وجنوده، وشردهم عن الأرض إلى أطرافها، وشعاب جبالها، وأنه قتل خلقا من مردة الجن، والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس، ودامت دولته أربعين سنة، وقد قيل أنه ولد أنوش عندما كان عمر أبيه شيث بن آدم مائه وخمس سنه، وكان لشيث عدة أبناء وبنات، وأنوش حفيد آدم وحواء، وقال ابن أياس الحنفي رحمه الله، قال الثعلبي، لما علم ادم بقتل هابيل اقام سنة لا يضحك، فاوحى الله تعالى اليه يا آدم الى كم هذا البكاء والحزن اني معوضك عن هذا الولد بولد يكون صديقا نبيا.
واجعل من نسله الانبياء الى يوم القيامة وعلامته انه سيوضع وحده في بطن واحدة ” لان حواء دائما كانت لا تلد الا ولدين في بطن واحد كل مرة” فاذا ولد فسمه شيثا، وهو معناه بالسريانية عبد الله، فلما حملت به حواء لم تجد لحمله ثقلا ولا تعبا فولدته من غير مشقة ولما ولدت حواء شيثا كان ما مضى من قتل قابيل لهابيل مائة سنة، فلما ولد شيث وكبر اعتزل ادم الى عبادة ربه وقراءة الصحف، ويجب علينا أن نعلم أنالأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، قد جاءوا جميعا لهداية البشرية في أطوارها المختلفة، وذلك شبيه بأساتذة المراحل التعليمية، فالجميع معلمون، والكل يكمل بعضهم بعضا في تلبية حاجة العقل البشري بمراحله، حتى انتهى الأمر ببعثة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.