مقال

نفحات إيمانية ومع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها، أما لو سُئل مسلم في حوار يهاجم الإسلام والمسلمين عن هويته لأجاب أولا بأنه مسلم، ولهذا السبب ظهرت الحاجة إلى تقبل الآخر، واحترام هويته، والتعايش بسلام، ونحن نعلم جميعا ما وصلته اليابان من قوة تقنية وصناعية لا ينكرها منكر، ونتذكر جيدا أن اليابانيين حين ضربتهم أمريكا بالقنبلة النووية ودمرت ناجازاكي وهيروشيما، رأوا أن من أسباب ضعفهم عدم قدرتهم على مواجهة الأمريكان، وقلة المعلومات التقنية التي لديهم، فأرادوا تحقيق المناعة واستقطاب المعلومات التي يجهلونها فأرسلوا البعثات للتعلم في بلاد الغرب والنهل من علومهم الطبيعية، حتى يرجعوا إلى اليابان وينقلوا إلى أرضها تلك التجارب الغربية الطبيعية فتنهض دولتهم.

 

وحين بعثت أول بعثة يابانية إلى دول الغرب رجعوا إلى بلادهم متحللين من مبادئهم، ذائبين في الشخصية الغربية، فما كان من اليابانيين إلا أن أحرقوهم جميعا على مرأى من الناس في طوكيو، ليروا عاقبة من تنكر لأمته وقيمه، ولم يرعى المسؤولية التي أنيطت به، وبعد ذلك أرسل اليابانيون بعثة أخرى، وأرسلوا معها مراقبا يراقبهم أولا فأول، من ناحية ثباتهم على عقيدتهم وخصوصياتهم البوذية، ومراقبة انهماكهم في استقطاب واجتذاب المعلومات التي يجهلونها لينقلوها في واقع بلادهم، وتمضي الأيام وتكون اليابان من أكبر الدول التقنية في العالم أجمع، بل والمنافسة والمسابقة لأمريكا وأوروبا في كثير من التخصصات التقنية، أليس في هذا درس وعبرة بما يفعله الآخرون.

 

 

من غير المسلمين في الحفاظ على هويتهم، ومع ذلك وصلوا ونجحوا، وذلك لمحافظتهم على الخصوصية والهوية الخاصة بهم، فأولى بنا وبالأمة المشهود لها بالخيرية والوسطية بأن يكون أبناؤها خير أناس يحافظون على هوية الأمة الإسلامية، ويرعون هويتهم حق رعايتها ؟ والهوية من المشكلات التي بدأت تتعقّد مع التسارع التكنولوجي والعولمة والانفتاح الحالي، ويُقصد بها حالة من الاضطراب والتشتت تصيب الإنسان حول حقيقة أدواره في الحياة، ويصبح شكاكا في قدراته، وإرادته للاستمرار بحسب ما يريد الآخرون واستجابة لتوقعاتهم عنه، ويقيس نجاحه أو فشله بحسب تقديرهم له ورأيهم به، غير أن أساس بناء ملامح مميزة لنفس الإنسان هو أن يجيب عن أسئلة محددة وهي من هو؟

 

ولماذا خُلق؟، ولماذا وُجد الناس على الأرض؟ ومن أين جاء الكون؟ وما الهدف من حياة الإنسان؟، ومتى ينتهي الكون؟ وكيف سينتهي؟ وما هو دوره في هذا العالم الواسع؟ وما هي الهوية التي سيعيش بها؟ وكل شخص يجيب عن هذه الأسئلة بطريقته، فهناك من يُطلق العنان لنفسه ولعقله، وهناك من يلجأ إلى دين من الأديان كي يحقق له التوازن النفسي، وهناك من يُغلب جانب العلم للوصول إلى إجابات عن هذه الأسئلة، وهكذا لكل إنسان طريقته في البحث عن إجابات لأسئلة تشكل هويته، وبقدر حصول الإنسان على إجابات مقنعة وكافية يكون استقرار هويته، وبقدر بعده عن الإجابة المريحة والمنطقية تحدث له حالة من التشتت، التي تسبب له الاضطرابات النفسية وتوصله إلى ما يعرف بأزمة الهوية.

 

ويجدر التنبيه إلى أن أزمة الهوية من المشكلات التي تواجه كثير من الشباب في الوقت الحالي، وللعيش في دوامة هذه الأزمة تأثيرات كبيرة على العقل والنفس، فالشخص الذي يعاني من أزمة الهوية لا يملك رؤية واضحة عن نفسه، وبالتالي لا يمكنه بناء علاقات جيدة وصحية مع نفسه ومحيطه ويظل متخبطا على غير هدى، ومن الأساليب التي تساعد في علاج أزمة الهوية، هو معرفة النفس جيدا ويتأتى ذلك من خلال محاولة الشاب للتعرف على نفسه، أو مساعدة الشاب من أجل معرفة نفسه، فالجاهل عدو نفسه، والجاهل بنفسه أخطر أنواع الجاهلين، وكذلك التركيز على جوانب القوة والبعد عن تقليد الآخرين، ومن المهم أن يسعى الإنسان إلى اكتشاف نفسه والحرص على أن يكون نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى