نفحات إيمانية ومع المغيرة بن شعبة الثقفى ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع المغيرة بن شعبة الثقفى ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع المغيرة بن شعبة الثقفى، فكان الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، أميل إلى تحكيم رأيه، وكانت الشورى من وجهة نظره تعنى فقط إفساح المجال للقريبين منه كى يقدموا وجهة نظرهم، التى يكتفى بالاستماع إليها ولا يأخذ بها فى الأغلب، ولقد كان المغيرة بن شعبة واحدا من أهل شورى الإمام على بن أبى طالب، ومن الجماعة التى تنصح له، وكان هناك الموقف الذى جمع بين المغيرة بن شعبه، والإمام على بن أبى طالب، وقد وقع الحوار الآتى الذى حكاه ابن عباس رضى الله عنهما، فقال ابن عباس، أتيت عليا بعد قتل عثمان رضى الله عنهما،عند عودتى من مكة فوجدت المغيرة بن شعبة مستخليا به، فخرج من عنده، فقلت له، ما قال لك هذا؟
فقال، قال لى قبل مرته هذه، إن لك حق الطاعة والنصيحة، وأنت بقية الناس، وإن الرأى اليوم تحرز به ما فى غد، وإن الضياع اليوم يضيع به ما فى غد، أقرر معاوية وابن عامر وعمال عثمان على أعمالهم حتى تأتيك بيعتهم ويسكن الناس، ثم اعزل من شئت، فأبيت عليه ذلك وقلت، لا أداهن فى دينى ولا أعطى الدنية فى أمرى، فقال، فإن كنت أبيت على فانزع من شئت واترك معاوية، فإن فى معاوية جرأة، وهو فى أهل الشام يُستمع منه، ولك حجة فى إثباته، وكان الخليفة عمر بن الخطاب قد ولاه الشام، فقلت لا والله لا أستعمل معاوية يومين، ثم انصرف من عندى وأنا أعرف فيه أنه يود أنى مخطئ، ثم عاد إلى فقال، إنى أشرت عليك أول مرة بالذى أشرت وخالفتنى فيه.
ثم رأيت بعد ذلك أن تصنع الذى رأيت فتعزلهم وتستعين بمن تثق به، فقد كفى الله، وهم أهون شوكة مما كان، قال ابن عباس، فقلت لعلى، أما المرة الأولى فقد نصحك، وأما المرة الثانية فقد غشك، والإمام على بن أبى طالب كان يسمع، ولكن الرأى كان له فى النهاية، وهو أمر لا يرتبط بشخصه، قدر ما ارتبط بظرفه، فالظرف التاريخى الذى عاشه الإمام على رضى الله عنه، وغيره من صحابة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يكن يجعل للشورى مكانا أو قيمة، بل قل إن فكرة أهل الشورى التى ابتكرها عمر بن الخطاب تحولت إلى بوابة كبرى دخلت منها الفتنة إلى مجتمع الصحابة، فمن لم يرض بنتائجها ظل ساخطا على حكم عثمان بن عفان، حتى واتته الفرصة.
خلال فترة التمرد على عثمان بن عفان، والمغيرة بن شعبة نصح الإمام علي بن أبى طالب فى الحوار السابق، بأن يتعامل تعاملا سياسيا مع أمر واقع، ولكن قيل أن الإمام على حول ما هو سياسة إلى دين، فاعتبر الإبقاء على معاوية خصمه الأهم، رغم أن معاوية سبق أن ولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعندما رأى منه المغيرة هذا الإصرار تأكد أنه ليس برجل شورى، وخشية أن يغضب عليه بادر فى اليوم الثانى إلى التراجع عن رأيه والتأكيد على صحة وجهة نظر الخليفة، ذلك الذى فهمه ابن عباس رضى الله عنهما وتستطيع أن تستخلصه من رده على سؤال على حول موضع النصيحة والغش فيما قاله المغيرة بن شعبة فقال ولم نصحنى؟
قلت لأن معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتى ثبتهم لا يبالون من ولى هذا الأمر، ومتى تعزلهم يقولون أخذ هذا الأمر بغير شورى وهو قتل صاحبنا، ويؤلبون عليك، فتنتفض عليك الشام وأهل العراق، مع أنى لا آمن طلحة والزبير أن يكرا عليك، وأنا أشير عليك أن تثبت معاوية، فإن بايع لك فعلى أن أقلعه من منزله، وقال الإمام على، والله لا أعطيه إلا السيف، وقيل أنه كما رفض الإمام على بن أبى طالب نصيحة المغيرة، فقد رفض أيضا نصيحة ابن عباس، وقد أصر على رأيه بمواجهة معاوية بن أبى سفيان ولو بالسيف، وقد قيل أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان قد ولى المغيرة بن شعبة البصرة، وقيل أنه كان المغيرة يتردد على بيوت الزواني يوميا.