نفحات إيمانية ومع ركائز الأمن المجتمعى ” جزء 7″

نفحات إيمانية ومع ركائز الأمن المجتمعى ” جزء 7″
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
ونكمل الجزء السابع مع ركائز الأمن المجتمعى، فعلينا أن نعتصم بالله، وأن نتوكل على الله، وأن نلتزم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول الله عز وجل “فإن تنازعتم فى شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر” فلو أن المسلمين إذا اختلفوا يردون اختلافهم إلى كتاب الله وسنة رسوله ويتولى ذلك علمائهم وأهل الرأي فيهم لصلحت الأمور، فنحن لما نشتكي لأعدائنا ونريد منهم أن يحلوا مشاكلنا، فإننا كالجريح الذي يشتكي إلى سباع الطير لتنهش لحمه هذا شأنهم، فعلينا أن نتقى الله عز وجل ، وأن نحل أمورنا ومشاكلنا فيما بيننا وعلى ضوء كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالرجوع إلى علمائنا وأهل الرأي فينا.
فيقول تعالى ” وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا” وبيننا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا نرجع إليهما، وإنما نرجع إلى الأنظمة الكفرية، فإنها لا تصلح لنا أبدا، لأن الله أغنانا عنها بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والواجب أننا نحن نتولى حل مشاكل العالم بما عندنا من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أننا نرجع بمشاكلنا إلى أعدائنا وإلى أنظمة الكفر التي لم تنفع أهلها حتى تنفعنا، فيقول تعالى “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور”
وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة” ثلاث مرات، قلنا لمن يا رسول الله، قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم، والنصيحة معناها الخلص من الغش جميع أنواع الغش، الغش للراعي، والغش للرعية، والغش بعدم العمل بكتاب الله وسنة رسوله، وأخذ العمل من كتب اليهود والنصارى والملاحدة هذا هو الغش للراعي والرعية، والغش لائمة المسلمين وعامتهم، فعلينا أن نرجع ما عندنا من كتاب ربنا وسنة نبينا، ونرجع إلى علمائنا، وإلى أهل الرأي فينا، ونحل مشاكلنا بأنفسنا، إذا أردنا الصلاح والإصلاح لأمورنا، وكما يجب علينا جميعا التسامح ونبذ العنف.
فإنه ليس هناك ما يفتح النار على الأمن الاجتماعي مثل العنف واستخدام القوة في حسم الأمور بدلا من العودة إلى القانون وقد انتشر العنف في المجتمعات بسبب انحسار حالة التسامح والتعاطف والتوادد، وأصبح العنف اليوم ظاهرة خطيرة تهدد المجتمعات بالانهيار والإنزلاق إلى حروب وصراعات داخلية، وأمامنا مجتمعات كان الأخ فيها يقتل أخيه بسبب الصراعات العقيدية التي رافقتها ظاهرة العنف، الأمر الذي يستدعي منا وقفة لتأمل هذه الظاهرة لمعرفة أسبابها ونتائجها، ولاشك ان ظاهرة العنف أكثر ما تتفشى في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل والتطرف والذي يؤدي إلى سلب الأحقية عن الآخرين وهذا هو منشأ التطرف عندما يعتقد أحدنا أنه على حق والآخرين على باطل.
بدون حجة منطقية ولا دليل عقلي فيحاول أن يثبت أحقيته من خلال القوة، فالقوة هي الوسيلة البديلة عن الحوار والإقناع ودحض الدليل بالدليل والحجة بالحجة، من هنا نشأ العنف في المجتمعات التي يسوده الجهل والتطرف وهذا ما نبذه الإسلام جملة وتفصيلا واستأصل هذه الظاهرة من جذورها فدعى إلى الحوار بدلا من التزمت على الرأي وطالب المسلم بأن يسلم للحق أينما وجده حتى لو كان عند أعدائه، وأن لا يتكبر على أصحاب الحق وليتواضع لهم، وبهذا المنهج الرصين تمكن الإسلام أنه يقلع جذور التطرف في المجتمع، ففي الخصال آخر ما وصى به الخضر موسى بن عمران قال له لاتعير أحدا بذنب، وإن أحب الأمور إلى الله عز وجل ثلاثة، وهم القصد في الجدة والعفو في المقدرة والرفق بعباد الله.