نفحات إيمانية ومع الإهتمام بالتربية والتعليم “جزء 9”

نفحات إيمانية ومع الإهتمام بالتربية والتعليم “جزء 9”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع مع الإهتمام بالتربية والتعليم، كما تهتم التربية الإسلامية بتنمية جميع جوانب الإنسان بشكل شامل، فهي تحث على الاعتناء بالنفس والعقل، بشكل مساوى للعناية بالجسد، دون تقصير في أحد الجوانب، وكذلك أيضا من الخصائص هى التوازن الدقيق، حيث تقوم التربية الإسلامية على تحقيق التوازن الدقيق في جميع حياة الإنسان، فهي تدعو إلى التوازن بين العلم النظري، والتطبيق العملي الذي يعود على الفرد والمجتمع بالنفع، كما حثت الفرد المسلم على تحقيق التوازن بين سعيه في دنياه وآخرته، وبينت التوازن الدقيق بين حاجات الفرد والمجتمع، وبين المتطلبات المادية والروحية للإنسان، وكذلك أيضا من الخصائص هى المرونة.
حيث اتصفت الشريعة الإسلامية بالمرونة ولم تضع في مصادر تشريعها من قرآن أو سنة منهجا محددا جامدا يسير عليه الناس، وإنما فتحت باب الاجتهاد أمام العلماء، وجعلت بناء الأحكام يتأسس عن طريق استخراج المناهج والقواعد من الظروف المتغيرة التي يعيشها الناس، مما يجعل الشريعة الإسلامية واسعة الأفق، وقابلة للتطور والتغيير بشكل يلبي حاجات الناس في واقعهم المعاصر، ويعالج مشاكلهم المستجدة، وكذلك الجمع بين الطابع الفردي والجماعي، حيث تهتم التربية الإسلامية بتكوين الفرد المسلم الصالح، وتبين الأمانة التي يتحملها كل مسلم أمام الله تعالى، وأنه محاسب على جميع أعماله بعد أن وهبه الله عز وجل عقلا يفكر فيه.
وأنزل إليه أسباب الهداية من رسل وكتب، وبيَّن له سبيل الخير والشر، كما وتدعو إلى بناء مجتمع يكفل لجميع أفراده حق العدل، والمساواة، والتكافؤ، وتوضح أهمية التكافل، والوحدة بين الناس فالتربية الإسلامية تعتني بالفرد المسلم، وتعتني كذلك بالبيئة أو المجتمع الذي يعيش فيه، ويكون سببا في تحديد سلوكه وفكره، وتتنوع أساليب التربية الإسلامية وتتعدد سعيا في تحقيق أهدافها المرجوة، ومن هذه الأساليب هى القدوة، حيث تسعى التربية الإسلامية إلى إيجاد القدوة الحسنة للفرد المسلم في جميع مراحله العمرية، فقد دعت الوالدين إلى أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهم، كما حثت المعلمين والمربين على أن يكونوا مثالا حسنا يحتذى به وذلك لأن سلوك الطفل في طور نشأته.
يتأثّر بسلوك والديه، ومعلميه، فبادرت الشريعة الإسلامية إلى وضع الأسس التي تنبني عليها الأسرة، وبينت دور كل فرد في الأسرة، ووضحت كيفية توطيد أركان البيت المسلم، ودعت جميع المسلمين إلى يكونوا قدوة حسنة في جميع تعاملاتهم مع كل الناس، وخير قدوة يقتدي به الناس هو النبي صلى الله عليه وسلم نبي هذه الأمة وقائدها، فقد كان عليه الصلاة والسلام مثالا وقدوة عظيمة يقتدي بهديه جميع المسلمين، وهناك أيضا من الوسائل هى الموعظة، حيث يكون وعظ الإنسان بتذكيره، وإبداء النصيحة له، حتى يلين قبله ويرق، مما يدفعه إلى التوبة، ومعالجة سريرته وإصلاحها، ثم المبادرة إلى عمل الخيرات، واتباع السلوك المستقيم لينال الخير في الدنيا والآخرة.
والواعظ الذي يرشد الناس دائما ما يكون متصفا بالأخلاق الفاضلة، والسلوكات الصحيحة، وأن تكون أقواله وأفعاله مصدر ثقة وإعجاب للناس، وقد جعلت التربية الإسلامية الوعظ من الطرق الأساسية التي يتبعها الوالدين في إرشاد إبنائهم، ودعت الآباء إلى اجتناب التمييز بين الأبناء في المعاملة مما يكون سببا في دفع الأبناء إلى اتخاذ سلوكيات شاذة وضارة بالآخرين، وأيضا من الوسائل هى القصة، حيث تميزت القصة بتأثيرها الكبير على نفس المستمع، سواء كان المستمع طفلا صغيرا أو رجلا كبيرا، وتعد القصص من طرق تنمية الخيال عند الأطفال وذلك لشدة تفاعلهم مع أحداث القصة وشخصياتها، والقصة تزيل عن الطفل شعور النقص المتولد لديه، وتهدأ من قلقه وتوتره.