مقال

نفحات إيمانية ومع دور الأخلاق فى المجتمع ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع دور الأخلاق فى المجتمع ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الخامس مع دور الأخلاق فى المجتمع، وإن أخطر شيء على أخلاق الناس هو هذه الدنيا بمتاعها ومغرياتها، بزخارفها وشهواتها مِن النساء والبنين، وإن الغلو في حب الدنيا هو رأس كل خطيئة، والتنافس عليها أساس كل بلية، فإنه من أجل متاع الدنيا يبيع الأخ أخاه، ويقتل الابن أباه، ومن أجلها يخون الناس الأمانات وينكثون العهود، ومن أجلها يجحد الناس الحقوق وينسون الواجبات، وإن الكل مشتاق إلى الجنة، بل الكل يطمح إلى أعالي الجنان، لأن الجنة درجات، فمن أراد قصرا في أعلى الجنة فليحسن خلقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه” رواه أبو داود والطبراني.

 

فأكثر ما يدخل الناس الجنة شيئان اثنان مهمان، تقوى الله وحسن الخلق، فتقوى الله وحسن الخلق سببان رئيسيان لدخول الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال “سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال صلى الله عليه وسلم “تقوى الله وحسن الخلق” وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال صلى الله عليه وسلم ” الفم والفرج” رواه الترمذي وأحمد وابن حبان وحسنه الألباني، فإن حسن الخلق هو أساس الخيرية والتفاضل بين الناس يوم القيامة، فهنيئا لصاحب الخلق مرافقة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة، ويا سعادة من كان مجلسه في الجنة قريبا من رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم “إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا” رواه الترمذي.

 

وإن الناس يوم القيامة في وجل وفي خوف وفزع الكل يتمنى حسنة واحدة تنفعه في ذلك اليوم، الكل ينظر إلى ميزانيه هل سيثقل أم سيخف، فالمفلح من ثقلت موازينه، والخاسر من خفت موازينه، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون” فمن سيفلح ذلك اليوم يا ترى؟ فإنه صاحب الخلق الرفيع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق” رواه الترمذي وابن حبان وصححه الألباني، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتثل أمر الله تعالى في كل شأنه قولا وعملا.

 

ويأتمر بكل أخلاق حسنة ورد الأمر بها في القرآن الكريم، وينتهي عن كل أخلاق سيئة ورد النهي عنها في القرآن الكريم، لذا كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن، وأيضا فإن الالتزام بالأخلاق الحسنة امتثال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي يأمر بها ويحض عليها، فعن أبي ذر الغفارى رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” فإن الأخلاق الحسنة هى أحد مقومات شخصية المسلم، فالإنسان جسد وروح، ظاهر وباطن، والأخلاق الإسلامية تمثل صورة الإنسان الباطنة، والتي محلها القلب، وهذه الصورة الباطنة هي قوام شخصية الإنسان المسلم.

 

فالإنسان لا يقاس بطوله وعرضه، أو لونه وجماله، أو فقره وغناه، وإنما بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة الحجرات ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا “لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجُعل الذي يُدهده الخراء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عُبّية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى