مقال

نفحات إيمانية ومع المؤمن بين الحياة والموت “جزء 5”

نفحات إيمانية ومع المؤمن بين الحياة والموت “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع المؤمن بين الحياة والموت، وكم من المسلمين اليوم من يجاهر بالمعاصي العظام والكبائر الجسام جهارا نهارا، بلا خوف ولا حياء من جبار الأرض والسماء، من ربا وزنا ولواط ومخدرات، ودخان ومسكرات، ومشاهدة للقنوات، وسماع للأغاني الماجنات، وتحلق حول المسلسلات الفاضحات، والطامة العظمى، والمصيبة الكبرى، هجران كثير من المسلمين للصلوات، وعقوق للوالدين وقطيعة للأرحام، وقال عبدالله بن عمر رضى الله عنهما كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال ضع رأسي على الأرض ؟ فقلت ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟ فقال لا أم لك, ضعه على الأرض.

 

فقال عبدالله فوضعته على الأرض، فقال ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل، فهذا عمر الفاروق رضي الله عنه مبشر بالجنة ويقول ما قال، فكيف بمن لم يبلغ شيئا من منزلته، لهو أعظم أن يخشى ربه، ويراقبه في كل تصرفاته وحركاته، فقال معاوية رضي الله عنه عند موته لمن حوله أجلسوني، فأجلسوه، فجلس يذكر الله, ثم بكى وقال الآن يا معاوية، جئت تذكر ربك بعد الانحطام والانهدام, أما كان هذا وغض الشباب نضير ريان، ثم بكى وقال يا رب, يا رب ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي، اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وجد بحلمك على من لم يرج غيرك ولا وثق بأحد سواك، ثم فاضت روحه رضي الله عنه، ودخل المزني على الإمام الشافعي.

 

في مرضه الذي توفي فيه فقال له كيف أصبحت يا أبا عبدالله، فقال الشافعي أصبحت من الدنيا راحلا, وللإخوان مفارقا ولسوء عملي ملاقيا, ولكأس المنية شاربا, وعلى الله واردا, ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها, أم إلى النار فأعزيها, ثم أنشأ يقول ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي، جعلت رجائي نحو عفوك سلما، تعاظمني ذنبي فلما قرنته، بعفوك ربي كـان عفوك أعظما، فما زلت ذا عفو عن الذنب، لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما، فأي امرئ سلم فيها من الشدة والنكبة، أي امرئ لم تمسسه المصيبة والحسرة، من عاش في هذه الدنيا لم يخل من المصيبة، وقلما ينفك عن عجيبة، فكم من ملوك وجبابرة فتحوا البلاد، وسادوا العباد، وأظهروا السطوة والنفوذ.

 

حتى ذعرت منهم النفوس، ووجلت منهم القلوب، ثم طوتهم الأرض بعد حين، فافترشوا التراب، والتحفوا الثرى، فأصبحوا خبرا بعد عين، وأثرا بعد ذات وكل إنسان، سيسلك الطريق الذي سلكوه، وسيدرك الحال الذي أدركوه، ولكنه مأخوذ بغمرة من الدنيا عابرة، ستليها ويلات ونقمات، وصرخات وآهات، فمن كان مستغرقا في سبات عميق ستكشفه سكرات الموت عما قريب، فقال تعالى ” ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر، كلا سوف تعلمون، ثم كل سوف تعلمون” فعودوا إلى الله أيها المقصرون، اتقوا الله أيها المذنبون، واحذروا الموت كل ساعة ولحظة، فهو بالمرصاد يترقب دنو الأجل ليهجم على عجل، ليقربك من آخرتك ويبعدك عن دنياك يدنيك من الآخرة.

 

ويقطع عنك الآمال والأحلام، فأين العقلاء والشرفاء والرفعاء والوضعاء عن أمر الموت، وقد قال الله تعالى ” وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ” وإن بعض الفقهاء الكبار يقول إن الله فرض على أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، فلو أن إنسانا أصابهم عسر شديد، وضيق شديد فإن جميع أهل البلدة آثمون، وإنسان مات بمرض عضال، ولا يملك ثمن العملية الجراحية، فإن أهل البلدة كلهم آثمون ،لأن فيهم موسرون، وأن إنسان مات جوعا أو مات مريضا، أو مات بسبب تقصير في ذات يده وهناك من بإمكانه أن يواسيه، أهل البلد كلهم آثمون، فإن المجتمع بأكمله يجب أن يتكفل بالفقراء، والأقرباء من جهة، والجيران من جهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى