مقال

نفحات إيمانية ومع علامات صدق الإيمان ” جزء 3 “

نفحات إيمانية ومع علامات صدق الإيمان ” جزء 3 ”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع علامات صدق الإيمان، الصحابى عبد الله ابن عمرو بن العاص، قال للرجل إني لاحنت أبي، فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤيني إليك حتى تمضى، أي هذه الأيام الثلاث فعلت؟ قال نعم، قال أنس وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليال الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله، وكبّر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مرت الثلاث ليال، وكدت أن احتقر عمله، قلت يا عبد الله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب، ولا هجر، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار.

 

يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأرد أن أهوي إليك لأنظر ما عملك فاقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال الرجل ما هو إلا ما رأيت، قال فلما وليت دعاني، فقال ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله بن عمرو هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق” فهذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق، إنها ليست مسألة سهلة أن يكون الإنسان دائما سليم الصدر لإخوانه، ليس في قلبه غش.

 

ولا حقد، ولا حسد على أحد من إخوانه، إنه أمر بالغ الصعوبة، ولكن يحصل بالمجاهدة، من وفقه الله له حصل له، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يلتمسون إزالة أي شيء يحصل في صدر الواحد على أخيه، لما أتى أبو سفيان على سلمان وصهيب وبلال في نفر، قالوا والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها ، فقال أبو بكر مستدركا، لعله يطيب خاطر الرجل الذي يرجى إسلامه، قال أبو بكر “أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم لعلها عبارة أراد أن يتألف بها قلب الرجل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لعلك أغضبت إخوانك من أجل هذا المشرك، لعلك أغضبت إخوانك لخاطر هذا الكافر.

 

وكان ذلك قبل إسلامه، يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فأتاهم أبو بكر فقال يا إخوتاه، يا إخوتاه، أأغضبتكم؟ أى وجدتم في أنفسكم شيئا عليّ؟ قالوا لا، يغفر الله لك يا أخي، لا ما أغضبتنا، ولا وجدنا في أنفسنا شيئا، يغفر الله لك يا أخي، رواه مسلم، فهذا يدل على أنه ينبغي للمسلم إذا خشي أن يكون أخوه المسلم قد أخذ عليه في نفسه أن يسارع لتطيب خاطره، والاعتذار إليه، وأن يتأكد بأن صفحة قلب أخيه لا زالت بيضاء، وأنه لم يتصرف تصرفا يدخل في قلب أخيه شيئا عليه، وغير قابل، ينبغي على من أعتذر إليه أن يقبل العذر، وأن يسارع إلى تطيب خاطر الآخر، وأن يدعو له بالمغفرة، يغفر الله لك يا أخي.

 

ولقد كانت المناشدة بأسلوب غاية في المحبة، يا إخوتاه أغضبتكم؟ تلك أخلاق الصديق رضي الله تعالى عنه، وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما أيضا كلمات تدل على صلاح قلبه لإخوانه لجميع المسلمين، لما شتمه رجل قال له إنك لتشتمني وفيّ ثلاث خصال إني لآتي على الآية في كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، فهذا هو ابن عباس، حبر الأمة وترجمان القرآن، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعلمه الله القرآن، ففتح الله على ابن عباس أشياء كثيرة، في تفسير كتابه، فكان ابن عباس يتمنى أن جميع المسلمين يعلمون ما يعلم من تفسير الآية إذا مرّ بها، ولم يكن له يتمنى أن يتفرد بالعلم، ليكون بارزا بينهم، متميزا عنهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى