عاجل

رسالة من أصحاب الهمم (الصم والبكم) إلى كل مسؤول يسمع ويتكلم

جريدة الأضواء المصرية

رسالة من أصحاب الهمم (الصم والبكم) إلى كل مسؤول يسمع ويتكلم

بقلم: أحمد الشبيتي

في زحام القوانين والسياسات والمشاريع التي تُطرح يوميًا، ثمة فئة تصرخ بصمت، وتنتظر من يسمع صوت حاجتها، لا ضجيجها. إنهم الصم والبكم، أصحاب الهمم الذين لا يريدون سوى أن تُفهم كلماتهم، وتُحترم إنسانيتهم، وتُلبّى أبسط حقوقهم، وعلى رأسها: الحق في الرعاية الصحية الملائمة.

وفقًا لآخر الإحصائيات، تحتضن مصر ما يقارب ٨ ملايين مواطن من الصم، وهو رقم ليس بالقليل، بل يستدعي أن تتوقف كل جهة مسؤولة، حكومية كانت أو خاصة، أمامه لتُراجع سياساتها وإجراءاتها.

الواقع اليوم يُظهر فجوة حقيقية بين مقدّمي الخدمات الصحية وبين هذه الفئة الغالية. فأغلب المستشفيات، سواء في سوهاج أو في سائر محافظات الجمهورية، تفتقر إلى أطباء وممرضين يتقنون لغة الإشارة أو يفهمون آلية التواصل مع الصم والبكم. ما يضع المريض الأصم في موقف ضعف قد يُهدد حياته، عندما لا يستطيع إيصال شكواه أو ألمِه للطبيب، ولا يُفهم ما يُطلب منه من تحاليل أو إجراءات علاجية.

الأمر لا يقتصر على المستشفيات الحكومية فحسب، بل يمتد إلى العيادات الخاصة، ومراكز الطوارئ، وحتى الصيدليات. أليس من حق هؤلاء المرضى أن يفهموا تعليمات الدواء؟ أليس من حقهم أن يُطمئنهم طبيبهم بلغةٍ يفهمونها؟

إننا هنا لا نطالب بتعاطف عابر، بل بإصلاح مؤسسي وتشريعي حقيقي، يفرض:

تعيين عدد من الممرضين والممرضات والأطباء المتقنين للغة الإشارة في كل منشأة طبية.

إدراج مادة دراسية عن أساسيات لغة الإشارة في كليات الطب والتمريض والصيدلة.

إصدار قرار وزاري يُلزم العيادات الخاصة الكبرى بتوفير كوادر قادرة على التواصل مع الصم.

إنشاء وحدات ترجمة بالإشارة في أقسام الطوارئ.

هذه ليست رفاهية، بل استحقاق دستوري، لأن الدستور المصري يكفل المساواة وعدم التمييز، والحق في الصحة، والحق في الكرامة الإنسانية. وإن كانت النية صادقة في بناء جمهورية جديدة عادلة وشاملة، فليكن هذا من أولوياتها.

إلى كل مسؤول: هذه رسالة من صامتين… لكن رسالتهم أقوى من أي صوت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى