في لحظة صمت، سقط كل شيء. هيبة المدرسة، أمان التعليم، حتى عيون الأمهات لم تعد تطمئن على أطفالها. هيبة الوطن قد تهدمت على وقع صرخة طفل لم يُسمعها أحد… لكن وقعها كان أشد من كل الكلام. “ياسين”، طفل لم يتجاوز الست سنوات، خرج ذات صباح يحمل حقيبته الصغيرة، فعاد محمولًا على وجع لا يُحتمل. طفولته الضائعة ستكون هي صرخة الغضب التي يجب أن تسمعها الأمة.
القصة: “لان شمسية”… كلمة أحرقت الضمير
“خاله دخل جوه… لان شمسية”. هذه الكلمات التي خرجت من فم ياسين كانت أولى علامات الجريمة البشعة التي لا يمكن أن تُغتفر. جريمة هتك عرض، لا يمكن لمجتمع أن يغفر لها ولا لمجرمها. الموظف السبعيني، الذي لم يعرف الرحمة، جعل المدرسة ساحة لأبشع أنواع الفساد، ليصبح هناك في مكان من المفترض أن يكون آمنًا، حيث تلاشت الحدود الإنسانية.
انهيار الثقة:
كيف نثق في مؤسسة تعليمية تدعي حماية أطفالنا بينما هي تحولت إلى مكان للاعتداء على البراءة؟ هل أصبحت المدارس ساحات مفتوحة للذئاب البشرية التي تختبئ وراء الألقاب؟ ومتى تتحول مفردات مثل “الأمان التربوي” إلى حقيقة يشعر بها كل طفل قبل أن يدخل فصوله؟
القرآن الكريم يتحدث:
> “ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن” – (الأنعام: 151)
“إن الذين يُحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة” – (النور: 19)
الحديث الشريف يُحذر:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
> “من لا يَرحم لا يُرحم” – (رواه البخاري)
وقال:
> “من قتل نفسًا معاهدة لم يرح رائحة الجنة…” – فما بالنا بمن يقتل براءة طفل حي في لحظة ضعف؟!
الفقهاء الأربعة يتفقون:
اتفق الأئمة الأربعة على أن هتك عرض الطفل جريمة يجب أن يُعاقب عليها بأشد العقوبات الممكنة، فلا يوجد مكان للرحمة مع من لا يعرف الرحمة.
المالكية: يعتبرون أن هتك العرض كبيرة من الكبائر ويجب أن يتم الحكم بأقصى العقوبات الممكنة مثل الجلد أو القتل تعزيرًا.
الحنفية: يعتبرونها فسادًا في الأرض ويجب أن يعاقب مرتكبها بالسجن أو بقرار الحاكم.
الشافعية والحنابلة: يرون أن الجريمة تستحق أقصى العقوبات بما في ذلك القتل تعزيرًا في حالة تكرار الاعتداءات.
رأي الشرع والعلماء:
قال الإمام ابن تيمية: “التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، سواء كانت في حق الله أو الآدميين.” ومن هنا، لا يمكن إلا أن يتم التعامل مع من يعرض الأطفال للأذى بأشد القسوة، لأن جريمة هتك العرض هي فساد يهدد الأمن المجتمعي بأسره.
المجتمع والدولة مسؤولان:
نحن أمام اختبار حقيقي لمجتمعنا، أين نحن من هذه القضية؟ هل سنظل صامتين ونحن نرى الطفولة تذبح على أيدي من يفترض أنهم حاموها؟
نطالب بما يلي:
1. محاكمة عاجلة للمتهم أمام جنايات دمنهور.
2. محاسبة إدارة المدرسة على تقاعسها في حماية الأطفال.
3. تفعيل وحدة حماية الطفل في كل مدرسة، كي لا يُترك الأطفال فريسة لممارسات بشرية متوحشة.
4. سن قوانين ردعية تُحمل المسؤولية لكل من يفرط في حماية أطفالنا.
5. إطلاق برامج دعم نفسي للأطفال ضحايا الاعتداءات كي لا تكون جروحهم النفسية أكثر ألمًا من الجسدية.
الخاتمة: من ياسين تبدأ الثورة على الصمت
لن يُنسى ياسين لأنه ليس فقط ضحية، بل رمز للبراءة المغتصبة وناقوس خطر يُنبهنا إلى أننا على شفا فقدان الإنسانية في مجتمعنا. إن لم ننتصر له اليوم، فلن نقدر أن نواجه عيون أطفالنا في المستقبل.
وإن سكت البعض… فنحن لن نلتزم الصمت، سنكتب، سنصرخ، سنطالب:
“حق ياسين لازم يرجع” ولن يُنسى من أراد أن يُنسى، ما دام في هذا الوطن قلب ينبض وعدل يصرخ به.