أخبار الرئاسةأخبار رئاسة الوزراءأخبار مصرأسواق المالالاقتصادمقال

“الاستثمارات الخارجية ودورها في دعم الاقتصاد المصري: قراءة تحليلية شاملة”

يكتب ✍✍✍ دكتور / علي جمال عبد الجواد مدرس أدارة الأعمال والمالية .

تُعد الاستثمارات الخارجية، سواء كانت مباشرة (FDI) أو غير مباشرة (مثل استثمارات المحافظ المالية)، أحد الروافد الحيوية لدعم الاقتصاد المصري وتعزيز النمو المستدام. ومع التحديات الهيكلية التي تواجهها مصر، تتزايد الحاجة إلى هذه الاستثمارات كأداة لتحفيز التنمية الاقتصادية، وتحسين ميزان المدفوعات، ودعم العملة المحلية، فضلًا عن نقل التكنولوجيا وتوليد فرص العمل.

 

أولاً: الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) ودورها في الاقتصاد المصري

الاستثمار الأجنبي المباشر يشمل ضخ رؤوس أموال أجنبية في مشروعات إنتاجية أو خدمية داخل البلاد، وغالبًا ما يكون طويل الأجل. وفي مصر، لعب هذا النوع من الاستثمار دورًا بارزًا خلال العقود الماضية، خاصة في قطاعات مثل:

الطاقة والبترول: حيث اجتذبت مصر استثمارات كبرى من شركات عالمية في مجالات التنقيب والإنتاج، مثل “إيني” الإيطالية و”بريتيش بتروليوم”.

القطاع الصناعي: شهد توسعًا في المناطق الصناعية والاقتصادية الحرة، ما ساعد على نقل التكنولوجيا ورفع كفاءة الإنتاج.

القطاع العقاري والإنشاءات: لا سيما في مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة.

ووفقًا لتقارير البنك المركزي المصري، سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة صافي تدفقات حوالي 10.4 مليار دولار في العام المالي 2022/2023، بزيادة قدرها 71% عن العام السابق، مع توقعات بمزيد من الارتفاع في ضوء برنامج الطروحات الحكومية.

 

أهم الآثار الإيجابية:

خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.

نقل التكنولوجيا والمعرفة.

زيادة حجم الصادرات وتحسين ميزان المدفوعات.

دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي.

 

ثانيًا: الاستثمارات غير المباشرة (محافظ الأوراق المالية)

تشمل الاستثمارات غير المباشرة شراء الأسهم والسندات الحكومية أو الخاصة من قبل المستثمرين الأجانب، وتتميز هذه الاستثمارات بسرعة دخولها وخروجها من الأسواق. رغم هذا الطابع المتقلب، فإن لها تأثيرًا مهمًا في:

دعم السيولة في سوق الأوراق المالية.

زيادة عمق السوق المالية المصرية.

تعزيز ثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد المصري.

في أعقاب قرارات تحرير سعر الصرف، خاصة في نوفمبر 2016 ومطلع 2023، شهدت سوق الأوراق المالية المصرية تدفقات ضخمة من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، خاصة مع إصدار سندات خزانة ذات عوائد مرتفعة. كما ارتفع مؤشر EGX30 بنسبة تجاوزت 40% خلال عام 2023، ما جذب صناديق استثمار دولية.

لكن تبقى هناك تحديات مثل حساسية هذه الاستثمارات لأي اضطرابات سياسية أو اقتصادية، ولذلك تُعد استثمارات تكملة لدور الاستثمار المباشر وليست بديلًا له.

 

ثالثًا: سُبل تعظيم دور الاستثمارات الخارجية في دعم الاقتصاد المصري

تحسين مناخ الاستثمار: عبر إصلاحات تشريعية (مثل قانون الاستثمار الموحد)، وتسهيل إجراءات الترخيص، وضمان الحوافز الضريبية.

التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة: مثل التكنولوجيا الخضراء، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية.

التوسع في اتفاقيات التجارة الحرة: مما يتيح للمستثمرين استخدام مصر كمركز تصديري لإفريقيا وأوروبا.

تعزيز الشفافية والاستقرار النقدي: لضمان بقاء المستثمرين على المدى الطويل.

تنشيط برنامج الطروحات الحكومية: من خلال بيع حصص في شركات حكومية كبرى لجذب رؤوس أموال جديدة وتحسين الكفاءة التشغيلية.

 

خاتمة

الاستثمارات الخارجية، المباشرة وغير المباشرة، تمثل رئة حيوية للاقتصاد المصري في ظل ضغوط التمويل والعجز التجاري. وإذا ما تم إدارتها ضمن إطار استراتيجي متكامل، فإنها قادرة على أن تتحول من مصدر تمويل مؤقت إلى محرك حقيقي للتنمية المستدامة، وركيزة أساسية في بناء اقتصاد تنافسي ومتنوع قادر على مواجهة المتغيرات العالمية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى