خاطرة

في صمت الليل

جريدة الأضواء المصرية

خاطره
في صمت الليل، حيث تتسلل همسات الذكريات كأشباح الماضي، كانت هي هناك، وحدها، تحمل في عيونها ألف سؤال لم تجد له جوابًا. أضاءت مصابيحها، وأشعلت المدفأة التي لم تَعد تمنحها الدفء، بينما كانت روحها تنسحب ببطء كأنها ضباب يذوب في الفجر. أعدت له فنجان قهوة، لكن رائحتها كانت تختفي في الهواء، كأحلامها التي فقدت لونها.

تنهدت بعمق، ومسحت دمعة كادت أن تهرب من عينيها. تذكرت كيف كانت يديها تتلامس مع يديه، كيف كانت الأصوات تتناغم بينهما في لحنٍ واحد، لكن الزمن كان قد أخذ معاهما كل شيء، حتى الكلمات. ارتدت ملابسها التي كانت تعرف أنها تروق له، لكنها شعرت بأنها فقدت بريقها، وكأنها ارتدت ثوبًا من الفراغ.

غسلت وجهها لتطرد عن ملامحها ثقل الساعات التي مرت، لكنها شعرت أن الصباح لا يأتي أبدًا، كأن الشمس نفسها قد قررت أن تتركها في العتمة. همست للريح أن تُعيد له ما أخذه، لكن الرياح كانت مشغولة بأسرارها، لم تلتفت لها.

وانقضت الليلة كما تمر أيام العمر، بين الذكريات والأماني التي لم تتحقق. وبقيت هي، بين الانتظار والنسيان، لا تدري إن كانت قد تعلمت كيف تعيش دون أن تملك شيئًا. فقط كانت… هناك، بين الفرح الحزين والحزن المفقود.

أيا من ملكت القلب بلهفةٍ، كيف تجرأتِ على غيابك؟ كيف تركتِه يتيه بين اللحظات دونك؟

تعالي، امسكي يدي وأعِديني إلى لحظةٍ كانت أبدية، لحنٌ صمت في القلب، ووردةٌ ذبلت بين الأمل والحقيقة.

قد عشنا معًا في عالمٍ لا يُرى، بنظرةٍ نطقنا بها، وعدًا لم يكتمل. ومع ذلك، ما زال القلب يسكنه صوتك في كل زاوية.
ربا رباعي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى