أخبار عالميه

ما هي الوثيقة الجديدة لوزارة الدفاع الأمريكية

جريدة الأضواء المصرية

ما هي الوثيقة الجديدة لوزارة الدفاع الأمريكية

كتب سيد عبد الكريم

الوثيقة السرية، التي تحمل عنوان “التوجيه المؤقت لاستراتيجية الدفاع الوطني”،

هي الوثيقة الجديدة لوزارة الدفاع الأمريكية ؟

الوثيقة كشفت عنها واشنطن بوست 

البنتاجون يعيد توجيه استراتيجيته لمواجهة الصين وتأمين الداخل الأمريكي

تُظهر توجيهات البنتاجون الجديدة، التي وقعها وزير الدفاع بيت هيغسيث، تحوّلا جذريا في أولويات الولايات المتحدة العسكرية، حيث أصبح التركيز منصبا بشكل حصري تقريبا على ردع الصين عن غزو تايوان وتعزيز الدفاع عن الوطن. تأتي هذه الخطوة على حساب تقليص الالتزامات الأمريكية في أوروبا ومناطق أخرى، وهو ما قد يؤدي إلى توتر مع الحلفاء الذين يعتمدون على الدعم الأمريكي.

الوثيقة السرية، التي تحمل عنوان “التوجيه المؤقت لاستراتيجية الدفاع الوطني”، تبرز بوضوح تأثير مؤسسة “هيريتيج” الفكرية المحافظة، حيث تحتوي على فقرات تتطابق تقريبا مع تقرير أصدرته المؤسسة العام الماضي. ويعكس هذا التوجيه رؤية إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تركز على التحضير لاحتمالية الحرب مع بكين، مع تقليل الانخراط العسكري الأمريكي في مناطق أخرى.

وفقا للتوجيه الجديد، سيتعين على البنتاجون تقليل التواجد العسكري في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا، مع التركيز على مواجهة الجماعات التي تمتلك القدرة والنية لمهاجمة الولايات المتحدة مباشرة. وسيتم إلقاء العبء الأكبر على الحلفاء الأوروبيين والآسيويين في مواجهة التهديدات من روسيا وكوريا الشمالية وإيران.

تُعد هذه الخطوة خروجًا عن استراتيجية الإدارة السابقة التي اعتبرت الصين التهديد الأكبر، لكنها في الوقت ذاته لم تهمل مخاطر روسيا. بينما ركزت إدارة بايدن على بناء تحالفات لمواجهة موسكو، يشير التوجيه الجديد إلى ضرورة أن تتحمل دول الناتو عبئًا أكبر في الدفاع عن أوروبا، حيث إن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على تخصيص موارد كبيرة لهذا الأمر.

الوثيقة توضح أن السيناريو الوحيد الذي يُعتبر محوريًا في التخطيط العسكري الأمريكي هو محاولة الصين ضم تايوان بالقوة. بناءً على ذلك، سيتم إعادة هيكلة الجيش الأمريكي لتلبية هذا التهديد فقط، مما يترك أوروبا لمواجهة روسيا وحدها، في حين سيكون دعم واشنطن مقتصرًا على الردع النووي وليس القوات التقليدية.

تُعد هذه الأولويات محل جدل داخل الكونجرس، حيث وصف بعض المسؤولين الاستراتيجية بأنها مشوشة ومتضاربة. إذ إن الإدارة الحالية تريد تقليل الوجود العسكري الأمريكي عالميًا، لكنها في الوقت نفسه تتبنى سياسة استعراض القوة في مناطق مثل اليمن وإيران. هذا التناقض قد يجعل تنفيذ الاستراتيجية أمرًا صعبًا.

وثيقة البنتاجون تتشابه بشكل كبير مع تقرير مؤسسة “هيريتيج” الذي نُشر في أغسطس الماضي، حيث يوصي كلاهما بالتركيز على ثلاث قضايا رئيسية: ردع الغزو الصيني لتايوان، الدفاع عن الوطن الأمريكي، وزيادة الأعباء التي يتحملها الحلفاء. بعض العاملين في الكونغرس أشاروا إلى أن تأثير المؤسسة الفكرية على التوجيه العسكري الجديد واضح جدًا.

تثير هذه العلاقة بين مؤسسة “هيريتيج” والبنتاجون تساؤلات حول مدى تأثير المؤسسات الفكرية المحافظة على قرارات السياسة الدفاعية. من اللافت أن أحد مؤلفي تقرير “هيريتيج”، ألكسندر فيليز-غرين، يشغل حاليًا منصبًا مؤقتًا كرئيس للسياسة في البنتاغون، مما يعزز فرضية أن الوثيقة الدفاعية الجديدة قد استوحت أجزاء منها من تقرير المؤسسة.

توجيهات البنتاجون الجديدة تتماشى مع مواقف ترامب السابقة التي تنادي بضرورة زيادة إنفاق الحلفاء الدفاعي. يشير التوجيه إلى أن الولايات المتحدة ستضغط على تايوان لزيادة إنفاقها العسكري بشكل كبير، حيث يريد ترامب أن تصل نسبة الإنفاق الدفاعي التايواني إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تفوق بكثير ما تنفقه واشنطن وحلفاؤها.

في ظل هذه التحولات، تجد تايبيه صعوبة في فهم موقف الإدارة الأمريكية الجديدة، خصوصا بعد لقاء متوتر بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. هذه التطورات زادت من قلق المسؤولين التايوانيين حول مدى التزام الولايات المتحدة بدعمهم.

لم يتأخر الرد الصيني على هذه المستجدات، حيث أرسلت بكين موجة من الطائرات والسفن العسكرية بالقرب من الجزيرة، محذرة من أن “من يلعب بالنار سيحترق”. تعكس هذه التصعيدات تصاعد التوترات بين الطرفين، حيث تسعى الصين إلى استعراض قوتها والضغط على تايوان لعدم المضي قدمًا في خططها الدفاعية.

ضمن التحولات الجديدة، يطالب البنتاغون القوات الأمريكية بالاستعداد للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في النصف الغربي من الكرة الأرضية، بما في ذلك غرينلاند وقناة بنما. تصريحات ترامب الأخيرة حول “ضرورة امتلاك جرينلاند” زادت من حدة التوتر مع الدنمارك، التي تدير السياسة الخارجية والدفاعية للجزيرة.

كما يوجه التوجيه الجديد القوات الأمريكية للعب دور أكثر نشاطًا في مكافحة تهريب المخدرات وتأمين الحدود وعمليات الترحيل، وهي مهام عادة ما تُترك لوزارة الأمن الداخلي. يأتي هذا في إطار رؤية ترامب الموسعة لدور الجيش في حماية الأمن الداخلي.

من بين النقاط البارزة أيضًا في التوجيه الجديد، توسيع الترسانة النووية الأمريكية وتعزيز الدفاعات الصاروخية للولايات المتحدة. تشمل هذه الخطة تطوير نظام دفاع صاروخي جديد يُعرف باسم “القبة الذهبية”، والذي يروج له ترامب كجزء من رؤيته الاستراتيجية.

بالنسبة لأوروبا، تذكر الوثيقة بوضوح أن الولايات المتحدة لن تقدم دعمًا كبيرًا في حال تقدم عسكري روسي، حيث يجب أن تعتمد دول الناتو على نفسها للدفاع عن القارة. وبدلًا من ذلك، ستوفر واشنطن الردع النووي فقط، ولن تلتزم بنشر قوات برية إذا كان هناك صراع واسع النطاق مع روسيا.

تشير هذه الاستراتيجية إلى تحوّل كبير في الدور الأمريكي عالميًا، حيث تسعى واشنطن إلى تقليص التزاماتها الدولية لصالح التركيز على تهديد واحد فقط: الصين. لكن السؤال الذي يبقى مفتوحًا هو ما إذا كانت هذه الاستراتيجية قابلة للتنفيذ، أم أنها ستواجه معارضة داخلية وخارجية تجعل من الصعب على إدارة ترامب تطبيقها بالكامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى